You Create, We Appreciate

صبري حسن يكتبـ: دفتر أسود قديم (قصة قصيرة).

صبري حسن يكتبـ: دفتر أسود قديم (قصة قصيرة).
الكاتب صبري حسن
الكاتب صبري حسن

أصل المقهى صباحا حين يهم عاملها بإخراج ورص مقاعده على الرصيف، أحتل مكاني في الزاوية المطلة على الحارتين، أراقب العصافير وهي تطعم صغارها من بين أغصان شجرة قديمة أفلتت من الموت مرات عديدة على أيدي مقاولي الحي. يعرفني العامل جيدا فأنا أقدم منه ويشهد دفتر المعلم على سابق وجودي منذ قديم، لا أحد يسألني هنا عن الحساب، قد أدفع يوميا وأنفق بلا حساب، وقد أسدد ما على شهريا، وذات مرة وجدت لنفسي حسابا سنويا.

الفأر الذي اقتحم محل الجزارة المقابل صباح اليوم ولمحته إحدى الزبائن، نبهت الحي كله عبر صرخة مزقت هدوء الوقت، فرفعت الكلاب آذانها، وارتج على قط كان يعلو قطة بعدما أمسك رقبتها فسقط على ظهره، الغريب أن فنجان القهوة زال وجهه حين رأيت المعلم يخرج من المحل مهرولا وبيده السكين هاربا لا مطاردا للفأر. عامل المقهى بعد استطلاع قصير ناولني النوتة مطالبا إياي بحساب قديم، رفعت سبابتي في وجهه محذرا فمثلي لا يطالبه أحد بشيء، وذكرته بما نفحته خلال الشهر الماضي، ورددت إليه دفتره ورفعت ساقا فوق ساق وطلبت فنجان قهوة ذي وجه.
الفأر يطارده أربعة من الجزارين المعاونين، تبدو عليهم علامات الخوف وحركاته. والضئيل الرمادي أدرك ذلك، فتراه بعد أن يختفي قليلا عن أعينهم يعاود الظهور عن بعد ليروه، أو ويركض وراء أحدهم ، فتراهم خارج المحل يهزون سكاكينهم وهرواتهم، جارحين به الهواء.القط يحاول من جديد. وصبي المقهى يدس دفتره في أسفل مقعد مكسور الساق، ويختفي وراء النيران يتحدث همسا في هاتفه، أظنه يهاتف صاحب المقهى الذي لا يأتيها إلا ليلا، ففي الليل تسع فوائد كما يقول دائما، يتسلل قط أسود صغير ضامر البطن إلى داخل محل الجزار، القهوة توضع بين يدي مع ابتسامة صفراء، يخرج القط الأسود مندفعا وفي فمه رقبة الفأر.

Related Posts
Leave a Reply

Your email address will not be published.Required fields are marked *

Instagram
Telegram
WhatsApp