أحبك
همست في أذنها بينما أناولها كراس الدروس، فاحمر وجهها، و صفعني أبوها، و حرمني أبي من المصروف، و ألهب مدرس القسم قدمي بعصا الخيزران الغليظة، و ضربني أخوها، فكسر ذراعي…
أحبك
همست في أذني بينما تناولني المشرط في غرفة العمليات، فتعرق جبيني، و توهجت خدودي، و شعرت بتنميلٍ شل قدمي، و تخشب ذراعي، ومات المريض.
2
صفعني أبي أمام زملائي في القسم بعد أن شكت إليه معلمتي، ذات التنورة القصيرة، أنني أتعمد إلقاء أدواتي عند أقدام زميلاتي، ثم أنحني لالتقاطها.
بعد سنواتٍ طويلة، عدت من الخارج بشهادتي، التي تصر أمي على تسميتها ب (الكبيرة)، استقبلني أبي هاشاً، و أجلسني بجواره على (الدكة) أمام باب الدار، ربت على كتفي بحنوٍ، و سأل:
-هل صرت مهندساً، أم معلماً؟
مال خالي، المهندس الزراعي، على أذن أبي التي تعمل بنصف طاقتها و صاح:
-لا يا حاج، بل طبيب
-طبيب؟
همهم أبي، ثم سأل:
-طبيب بيطري؟
-لا، طبيب نساء
رد خالي صائحاً، فرمقني أبي بغضب، أمسك شحمة أذني بين إصبعيه، و فركهما قائلاً:
-طوال عمرك خايب! إلي به داء، ما يسلاه
3
كاتفاقٍ غير معلن، بدأت تتجاهل رسائله، وهو لم يعد يزور حائطها. توقفت عن التعليق على منشوراته، وهو لم يعد يضع إعجاباً على مداخلاتها في نصوص الأصدقاء المشتركين. رويداً رويداً، فهم أن الأمر انتهى عند هذا الحد، واكتشفت هي أن علاقتهما كانت مغامرة غير محسوبة العواقب. كتب على حائطه:
الصداقة أقوى من الحب، وأدوم
كانت أول من وضع علامة إعجاب.. جرى إلى صفحتها، قرأ:
إذن لنبق أصدقاء
ترك إعجاباً ووردة، و عاد لحائطه، وجدها قد طبعت ابتسامتها على منشوره، ابتسم قائلاً لنفسه:
إذن، لنبق أصدقاء
4
أراد أن يعترف لها بحبه لكنه لم يكن متأكداً من حقيقة مشاعرها وخاف أن يفقدها.
هي كانت موقنة من مشاعره، ومشاعرها، وحيرته وتردده، لكن كبرياء الأنثى منعتها من مصارحته. عامان من الغياب مرا؛ والتقيا صدفة، تأملت الخاتم الذي يزين بنصر كفه اليسرى، ألقى نظرةً خاطفةً على بطنها التي تكورت قليلاً، تلامست أطراف الأنامل بسرعة، مضى كلٌ في طريق، على بعد خطواتٍ خيل إليه أنها تهمس: أحبك
التفت هاتفاً بلوعة:
– وأنا أيضاً