You Create, We Appreciate

صفاء بحر تكتبــ: أمل (قصة قصيرة)

صفاء بحر تكتبــ: أمل (قصة قصيرة)
الصورة من إبداع الشاعر عادل عبد الحميد
الصورة من إبداع الشاعر عادل عبد الحميد

التغيرات التي تطرأ على كوكب الأرض ليس أمرًا مفاجئًا ولكنه مخيف، و قد يحول كل شيء إلي حطام و مأزق و أنفاس أخيرة، و بغتة تغير مصير الخطوات المبهجة، و التي كانت قبل ساعات على تقاطع ثلاثة أبواب داخلية و نافذة زجاجية تفتح على حديقة تفوح ياسمينًا، مع بهو صغير ترتيبه المُتقن أضاف له جاذبية و فخامة قاعة ملكية، و مع كل هذا النظام كانت هناك لعب و دُمي هاربة من صندوقها الصغير، مختبئة تحت المقاعد أو على السجادة بجانب المنضدة الزجاجية التي تتوسط الجلسة الأرجوانية ذات الطابع العربي.

الساعة الذهبية المثبتة على الجدار القرمزي تشير إلى وقت المغيب، دقائق وكل شيء صار ممتعًا ومسليًا، عاد إلي بيته وعانق أطفاله بحضنٍ دافئ يملؤه الصخب والضحكات، واجتمعوا حول طاولة الطعام، يلتهمون أشهى المأكولات التي أعدتها جميلة طوال النهار.

إن الحياة لا تكتمل سعادتها دون أفراد عائلة يحبون بعضهم البعض، كانت اجواء مثيرة للاهتمام؛ فذلك يحدث آثرًا طيبًا وعظيمًا في النفس، إن كان بوسعنا أن نعبر عن امتناننا لقلنا إن العائلة ماهي إلا وطننا الصغير الذي نأوي إليه ونخشى فراقه.

قبل أن ينهي مهامه على جهاز الحاسوب كان كوب شاي بالنعناع يتصاعد بخاره في متناول يده،و لم ينسى كعادته أن يشكرها ،و كعادتها لا تحدثه و إلا ابتسامتها تعلو جبينها، كانت تحبه بغموض حيث لا يمكن لأحد فهم شعورها نحوه و كان أكثر عشقًا لها كأمنية استجاب لها الله .

جلست بقربه وعيناهما لا يفارقان بعضهما البعض، كأنهما التقيان بعد فراق أو كأنهما يودعان بعضهما، سحبته من يده لرؤية الغرفة الصغيرة التي اعدتها لمولودها القادم.

اللون الزهري يشع بالجمال يا عزيزتي ولكن لا أعلم لماذا وقع اختيارك عليه، فأنتِ تعشقين البنفسجي على حد علمي، هذا غير أنك في كل ولاداتك السابقة تجهزين غرفٍ زرقاء. 

وضعت يدها على بطنها وقالت: لأني هذه المرة سأنجب فتاة. هل تعلم إنني اشعر بفرحٍ كبير لأني سأنجبُ بنتًا. كاد قلبي يقفز خارج صدري حين اخبرني الطبيب بأني حامل فيها

اقترب منها وأمسك بيدها وقال لها: أنا مثلك سعيد بقدوم ملاكنا الصغير، وصليت كثيرًا أن يرزقني الله بفتاة تشبهك، ولكن يا عزيزتي ما الاسم الذي سنمنحها له.

ابتسمت قائلة: في الحقيقة كنت اريد مفاجأتك وحتمًا سيعجبك الاسم، هو ليس من الأسماء النادرة، ولكن أسم ذو معنى جميل.

خلدوا جميعًا إلى النوم وما بين الحلم واليقظة كانت هناك خمس وسبعون ثانية تأرجحت فيه المباني، والقناديل بالأسقف، وتقاذفت الأواني والمزهريات من الرفوف، وتكسر زجاج النوافذ والخزانات، وسقطت الساعة الذهبية المثبتة على الجدار القرمزي عند الساعة الرابعة صباحًا، هزات قوية ومتتالية بلغت قوتها 8’7درجة على مقياس ريختر، عم الهلع والخوف وشرعت القلوب تخفق خفقانًا شديدًا والفزع يملؤها حتى الحنجرة.

دفن الحنين والأمنيات والأحلام تحت الأنقاض وبين الركام كان هناك صرخة ميلاد وحياة جديدة، لربما سيتغير بها وجه العالم.

قاومت بجسدٍ صغيرٍ لين لا يحتمل الخدش، ملتصقة بوالدتها عن طريق الحبل السري، ومتعلقة بكل سبل النجاة، وكان قد لمحتها أمها لمحة خاطفة، وداعبت بشرتها الرقيقة واصابعها الرفيعة، لم يكن مشهدًا سهلًا على الأطلاق. نظرت الصغيرة إلى أمها وكأنها تقول لها: هل سوف تتركاني بمفردي هنا، وتغادروا جميعكم إلى الأبد؟

Related Posts
Leave a Reply

Your email address will not be published.Required fields are marked *

Instagram
Telegram
WhatsApp