صباح الخير يا دكتورة هل علمتِ بالمؤتمر الذي سينعقد بانجلترا يوم الإثنين بعد القادم
صباح الخير يا فندم لم يأتني خبر عنه
سيصلك كل شيء خاص بهذا المؤتمر اليوم أو غدا على الأرجح
تمام يا فندم أشكرك
مؤتمر وفي انجلترا مرة ثانية لم أحضر أي مؤتمر منذ عشر أعوام وخاصة بانجلترا
في عام ألفين وتسعة جاءتني فرصة لحضور مؤتمر كبير بانجلترا سررت كثيرا بهذا المؤتمر وخاصة أنني لم أذهب إلى تلك المدينة الضبابية من قبل
كنت مشوقة جدا لرؤيتها والتعرف على أجواءٍ أخرى لم أرها من قبل
تناقشت مع زوجي وأقنعته بالموافقة لم أحصل عليها بسهولة ولكني في آخر الأمر حصلت عليها بعد ما وضعت له جدول يسير عليه طوال أيام غيابي عنه
وبالنسبة لأبنائي تركتهم لأمي حالما أنتهي من هذا التكليف
وسافرت في أول أكتوبر من عام ألفين وتسعة
لقد تركت البلد وبقلبي شعور متناقض سعادتي بهذا التكليف وخاصة أنه كان باختيار رئيسي بالعمل كأفضل طبيبة من جهة
وقلقي على زوجي الذي لم يعتد على غيابي والأبناء من جهةٍ أخرى
شعور قسمني إلى شطرين
كان زوجي رجلا طيبا مسالما لم نتزوج بعد قصة حب ولكن كنت أجله وأحترمه كثيرا
رأيته أول مرة عند صديقتي الأنتيم كما يطلقون علينا
كان زميلا لزوجها وحين رآني طلب من صديقتي أن يتقدم لخطبتي ولم أمانع فلم يكن بقلبي ما يشغلني ووجدته رجلا ميسور الحال هادئ الطباع فلم يكن هناك ما يعرقل تلك الزيجة
تزوجنا وأنجبنا ثلاثة أبناء وكان دائما زوجا مثالي وأبا حنون
وصلنا إلى مدينة الضباب ونزلنا بالفندق الذي حُجز لنا
ولكن ما أثار انتباهي تلك البرودة الشديدة رغم أننا لم نكن بفصل الشتاء برودة لا تُحتمل
قابلته في اليوم التالي طبيبا في نحو الأربعين من عمره كان بدوره يحضر المؤتمر كان مصري يعيش بانجلترا من عشرين عام
تعرفت عليه وجذبتني لهجته المصرية عندما سمعته يتحدث العربية وكأنني وجدت أحدا من معارفي وكأنه وجد في رائحة الوطن الذي حرم منه منذ زمنٍ طويل
وبمجرد معرفتي به لم أستطع مفارقته ولم يرد هو الآخر أن تكون هناك دقيقة لسنا فيها معا
وهكذا اعتدت على وجوده بأيامي التي قضيتها بعيدة عن الوطن
وكأنني أستمد من وجوده ذلك الدفء الذي افتقدته هنا
جعل من شخصه مرشد سياحي حتى لا أشعر بالملل وأخذ يعرفني على المدينة ومعالمها وفي آخر الليل كان يصحبني إلى الفندق الذي كنت أقيم به طوال أيام المؤتمر
ظللنا هكذا حتى جاءت الليلة الأخيرة وبعد جولتنا الأخيرة أوصلني إلى الفندق مدت له يدي حتى أصافحه لآخر مرة لم يقنع بيدي جذبني إليه وراح يقبلني طويلا لم تضايقني تلك القبلات بل أسعدتني كثيرا
وعدت إلى بيتي وزوجي بقلبٍ تملأه الجروح والندبات التي حاولت جاهدة أن أخفيها عنه
حاولت أن أمارس حياتي بشكلٍ عادي ولكن ظلت تلك الذكريات تداعب خيالاتي كل حينٍ وآخر
أحيانا أغرق فيها بالساعات وأحيانا أجدني أحدق في وجوه المارة باحثة عن أحدٍ يشبهه
لكي يعيد لي فقط طعم تلك الأيام التي قضيتها معه
أشعر بوخذات الضمير كلما زارني طيفه ولكن كان يحدث ذلك رغما عني ما كان ينبغي أن أترك لقلبي العنان يحركني كيفما يشاء.
وما كان ينبغي أن نلتقي.