لقد نضجت (سميرة)، سنوات وأنا أراقب نموّ جسدها الأسمر، وها هي تبرعم، وتشبّ طولاً ،فتغدو أطول من أختي(مريم). شعرها الأسود يثير شهيّتي لاستنشاقه، وأسنانها النّاصعة تجعلني أحلم أن تعضّني، دائماً أتمنّى أن تعضّني، لا أدري لماذا تسيطر عليّ هذه الرّغبة؟! كلّما رأيتها تبتسم فتنفرج شفتاها المكتنزتان عن تلك الأسنان اللؤلؤية.
وذات يوم أردت أن أحتال عليها، حتّى أحقّق حلمي، فأخذت أتباها أمامها بقوّتي وقدرتي على التّحمل، وحين أخذت تسخر منّي، قلت:
– هذه يدي.. خذي وعضّي عليها بقوة، مزّقي يدي إن استطعتِ.. عندها سترين مدى احتمالي.
في البدء لم تقبل هذا التّحدي، دفعت يدي عنها وقالت ساخرة:
– أخاف أن تبكي.
صرختُ وكانت رغبتي ناراً تتأجج بداخلي:
– جرّبي، لكِ أن تقطعي يدي، إن استطعتِ أنا أتحداكِ.
وانقضّت (سميرة) على يدي، غرزت أسنانها في رسغي، وتوقّد ساعدي عندما لامسته شفتاها، وشعرتُ بنشوة لا توصف، نشوة غريبة ممزوجة بالألم والسّعادة، فأخذتُ أهتفُ فرحاً:
– عضّيها أكثر، بقوة فأنا لا أتألم.
- رواية ملح السراب للكاتب السوري مصطفى الحاج حسين – الفصل الخامس.
- رواية ملح السراب للكاتب السوري مصطفى الحاج حسين – الفصل الثالث.
أحسستُ بأسنانها تنهشني، تمضغ قلبي، وتمنّيت أن تطول هذه اللحظة إلى الأبد.
اكتشفتُ أنّ اللذّة تنبع من الألم، لذّة مجنونة، فتأوهتُ من النشوة، وظننتُ أنّ دمي سيتدفّق من خدّي المحمرّين، فمددتُ يدي لأشدّها من شعرها، انحنيتُ فوقها لأتنشقه، لكنها سرعان ما تركت يدي.. وابتعدت، فهتفتُ أتظاهر بالانتصار:
– لقد هزمتكِ.. كسبت الرّهان.
واقتربت أختي(مريم) منّي، استهواها هذا التّحدّي، قالت:
– تعال.. أعضّك أنا.
ولا أدري كيف.. ولماذا.. صفعتها على خدّها بقسوة، وخرجت.