You Create, We Appreciate

عبد الكريم حمزة عباس يكتبــ: الهرمنيوطيقا أو الفلسفة التأويلية بين ( شلاير ماخر ) و ( جادامر ) (*)

عبد الكريم حمزة عباس يكتبــ: الهرمنيوطيقا أو الفلسفة التأويلية بين ( شلاير ماخر ) و ( جادامر ) (*)
الناقد: عبد الكريم حمزة عباس
الناقد: عبد الكريم حمزة عباس

التأويلية:

هي فلسفة فهم و تأويل النص .
الهرمنيوطيقا:
مصطلح يتكون من جزئين( هرمنيو – طيقا )
هرمنيو : تعني باللغة اليونانية التفسير.
طيقا : تعني منظومة ، ولذلك تكون هرمنيوطيقا معناها( منظومة التفسير ) وتسمى أيضا الفلسفة التأويلية أو علم التأويل.
الهرمنيوطيقا جاءت من أسطورة يونانية تتخذ من ( هرمس ) وهو الرسول الذي كان مكلفا بنقل رسائل و تعاليم الآلهة إلى البشر ، فهو ينقل و يفسر لهم تعاليم الآلهة.
التأويلية:
في معاجم اللغة العربية : هي من الفعل ( أول ) : بمعنى فسر و وضح ما هو غامض.
التأويلية مصطلح قديم أرتبط بعصر الكنيسة في القرون الوسطى، لأن الكنيسة في ذلك الوقت كانت مسيطرة على الفكر، وكانت تصادر أي تفسير أو اجتهاد لتفسير النص الديني، فظهر منهاج التأويلية لكي يقاوم فكر الكنيسة و يقدم طريقة و منهج جديد في تفسير النصوص الدينية.
ثم انتقل مصطلح التأويلية من تفسير النصوص الدينية إلى تفسير النصوص الأدبية والفلسفية من خلال مراحل التأويلية الثلاث وهي المرحلة الكلاسيكية والمرحلة الرومانسية والمرحلة الفلسفية.
١ – المرحلة الكلاسيكية:
 
ظهرت في عصر النهضة في القرن السابع عشر و امتدت للقرن الثامن عشر ، وظهرت بسبب ثورة الإصلاح الديني البروتستانتي التي قام بها مارتن لوثر، و التي أدت إلى قطع العلاقة بالكنيسة و رفض أي تفسير صادر عنها للكتاب المقدس ، و لذلك كان مفهوم التأويلية في ذلك الوقت هو المنهج الصحيح لفهم و شرح و تفسير النص الديني.
٢ – المرحلة الرومانسية
 
وظهرت في القرن التاسع عشر، و أسسها الفيلسوف الألماني( فريدريك شلاير ماخر Friedrich Schleirmacher) , وكان له دورا كبيرا في انتقال الهرمنيوطيقا من تفسير النصوص الدينية إلى تفسير اشمل و أوسع، مثل النصوص الأدبية و الفلسفية و التاريخية وغيرها.
خصائص الهرمنيوطيقا الرومانسية
 
او ما تسمى الدائرة التأويلية ل( شلاير ماخر) ، وهي تتكون من دائرتين هما الدائرة اللغوية الموضوعية و الدائرة النفسية أو السايكلوجية.
١ – الدائرة اللغوية الموضوعية:
حسب تفسير شلاير ماخر، إنه يمكن تحديد معنى الكلمة والجملة وفقا لقوانين موضوعية عامة، نحوية أو معجمية ، التي تكون فيها اللغة كجانب موضوعي تستخرج منها المعاني حسب قواعد اللغة.
٢ – الدائرة النفسية أو السايكلوجية:
وهي ترتكز على ما هو خاص و فردي، يعني أنها تهتم بقصد مؤلف النص، أي المعنى الذي يقصده المؤلف ، أي الدخول إلى ذهن المؤلف و معرفة قصده من النص ، وذلك من خلال التعرف على الظروف التي كانت محيطة بالمؤلف وقت إنتاجه للنص ، مثل الظروف التاريخية و الثقافية والاجتماعية التي كانت محيطة بالمؤلف وقت كتابة النص ، ولذلك فسر ( شلاير ماخر ) الهرمنيوطيقا بأنها فهم النص كما فهمه المؤلف ، ولقد اعترض الكثير من النقاد على وجهة النظر هذه ، فقد يكون بين المؤلف و المتلقي مسافة زمنية كبيرة ، مثلا مؤلف قديم توفى منذ سنين عديدة ، و لا يعرف عن الظروف التي كانت محيطة به سواء ظروف سياسية أو إجتماعية أو ذاتية ، وهنا سيجد المفسر صعوبة كبيرة في تأويل النص و الوصول إلى معناه.
٣ – المرحلة الفلسفية
 
و ظهرت على يد الفيلسوف الألماني( مارتن هايدغر Martin Heidegger) وطورها تلميذه( جادامر Hans – Georg Gadamer).
خصائص المرحلة الفلسفية أو التأويلية ل ( جادامر )
 
١ – فهم النص بعيدا عن ذاتية و قصد المؤلف ، أي أن النص كائن مستقل عن المؤلف – وهو عكس مفهوم شلاير ماخر – الذي استخدم مفهوم الدائرة النفسية أو السايكلوجية والتي من ضمنها أن قصد المؤلف يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار أثناء تفسير أو تأويل النص ، جادامر اعتبر أنه ليس شرطا ان يتم الإهتمام بقصد المؤلف ، وهذا الكلام يتطابق مع مصطلح ( موت المؤلف ) الذي أطلقه( رولان بارت ) ، أي التعامل مع النص كانه ليس له مؤلف ، أي المؤلف لا وجود له، أو انتفت الحاجة لوجوده.
٢ – تفسيرات النص تتعدد بتعدد المفسرين ، أي لا نهائية المعنى .
٣ – أن فهم النص يتم من خلال حوار بين المفسر ( القارئ أو المتلقي ) و بين النص ، وهو عبارة عن أسئلة يوجهها المتلقي عن النص، و ينتظر إجابة من النص عليها.
٤ – أن كل تفسير للنص محكوم بآراء مسبقة عن النص، النص تم تداوله و تلقيه عبر العصور، مثال : نص هاملت لشكسبير ، تم تناوله و تلقيه عبر العصور، و عند تفسيره في أي وقت يجب الأخذ في الاعتبار الآراء المسبقة التي قيلت عنه ، حيث يقول جادامر أن هذه الآراء تساعد في إيجاد معنى جديدا للنص .
٥ – أن كل التفسيرات صحيحة نسبيا ، و أطلق جادامر على هذه الحالة مصطلح ( نسبية المعرفة ) ، على حسب ثقافة المفسر و ظروفه و اتجاهاته.
الدائرة التأويلية عند جادامر تتكون من ثلاثة أجزاء- بينما كانت عند شلاير ماخر تتكون من جزئين ، وهم :
أ- الدائرة اللغوية الموضوعية :
تعني أن فهم النص يتم من خلال لغة النص، من خلال تحديد معنى الكلمة والجملة وفق قوانين موضوعية عامة.
ب – الدائرة الجمالية للمتلقي :
حيث تم الغاء قصدية المؤلف ، وأن التفسير الحالي للنص هو الأساس، أي أن تفسير النص قائم على المتلقي ، حيث يستخدم المتلقي كل طاقاته الإبداعية لكي يصل إلى فهم حقيقي للنص ، أي أن التأويلية عند جادامر تعتمد على المتلقي و ثقافته و اتجاهاته و ذوقه الجمالي ، كل هذا له دور في تلقي النص، وتختلف التأويلات و التفسيرات من شخص لآخر.
ج – الدائرة التاريخية :
يعني فهم النص من خلال ( افق التلقي ) عبر العصور ، افق التلقي يعني كيف تم تلقي النص و تفسيره عبر العصور المختلفة .
اي أن فهم أي نص يتم من خلال
دمج الأفق السابقة كلها ، أي يجب الأخذ في الاعتبار كل هذه الأفق( افق التلقي ) عبر العصور و استخدامها و توظيفها في إنتاج افق تلقي جديد خاص بالقارئ أو المتلقي.
(*) : المصدر: محاضرة د. إبراهيم حجاج- بتاريخ ٢ تشرين الثاني- عام ٢٠٢١.
عبد الكريم حمزة عباس
Related Posts
Leave a Reply

Your email address will not be published.Required fields are marked *

Instagram
Telegram
WhatsApp