تقترب الساعة من الواحدة ليلاً،
: -لم أكتب كلمة واحدة, في صدري أحاسيس تزاحم أنفاسي، تريد أن تسيل حبراً على أوراقي.
نظرت الى السماء، تحدثت الى القمر والنجوم
: – بالله عليكم أخبروني، ماهي أحواله؟
حدثها الدب الأصغر ووافقه الكلام الدب الأكبر وشهدت بذلك النجمة القطبية.
: – حالك أفضل من حالة، أنت تمسكين القلم وهو يمسك السيجار، تجلسين على كرسيك وهو هائم بين الأزقة والشوارع.
تنهدت وابتسمت وتلألأت دمعة في عينها وبدأت تنظم أحلي شعر، صاغت كلمات من أجمل درر الكلام.
سأطلعكم على كلماتها، لكن؟ ما الذي يحدث؟ لقد هبت ريح فأطارت الأوراق.
فردت الورقة جناحيها للريح، تمايلت مع نسماته ، وهي تنظر اليها مبتسمةً ، وتحاكيها
:- اذهبي ، فلست سوى اقصوصة حملت أحاسيسا صدري المكنونة ، لكن … توقفي !!!! ، هل يمكن ان ابوح بمشاعري بهذه الطريقة مرة أخرى ؟؟!!
لا اعتقد، أغلى نفائس شعري وأندر قلائد شعوري احتوتها تلك الورقة، لقد سرقت الورقة كنزي .
هرعت كالمجنونة من مكانها تهرول خلف تلك الورقة وقد تقاذفتها أمواج الريح.
: – انتظري ايتها السارقة، أعيدي الي حلمي وجواهري.
اشرقت شمس الصباح وهي لا تزال تبحث عن تلك الورقة وهي تردد:-
طارت طارت ملعونة، أخذت قلائد المحزونة، طارت طارت ملعونة.
تفتش كل مكان، الى أن وصلت الى شارع حبيبها، رآها من بعيد ،
:- هل هذه هي؟ معشوقتي، لكن لِمَ هي هكذا؟
أسرع نحوها، :- حبيبتي ما الذي تفعلينه هنا ، أتركي عنك هذه الاوساخ .
نظرت له لبرهة، ثم نهرته:- ابتعد عني ، اني أبحث عن حبي .
: – حبك؟! أولست أنا حبك ؟
: – لست حبي، حبي أعرفه، وانا ابحث عنه الآن.
: – وأين هو حبك الذي تتحدثين عنه؟
: – ذهب مع الريح.
: – أذكري الله وعودي معي الى البيت
نهرته بصوت عالٍ:- ابتعد عني ، ماذا تريد ان تسرق انت أيضا.
خشي ان تتجمهر الناس، فتركها ، يتبعها ودموعه تملأ وجهه , يرى بأن حبه قد أجنّ محبوبته .
بدأ يساعدها، :- قد تكون تلك الورقة !!
تركض عليها تقلبها:- لا ليست هي ، شكراً لك .
اخذ يتقرب منها أكثر :- تلك الورقة ، عندي إحساس انها هي .
تركض نحوها ويركض هو ويسبقها، يمسك بالورقة ويقلبها، :- انه وصفة طبيب ، مع اني ضليع باللغة الإنجليزية , لا استطيع قراءة كلمة واحدة منها .
ويضحكان معاً، :- تلك ورقة أخرى .
يركضان بفرح ليصلا الى الأوراق ، أخذ يبادرها التفتيش عن الأوراق ، وكانا بعد كل ورقتين يقلبانهما يقولان
:- طارت طارت ملعونة ههههههههههههه.
القمر والنجوم تتابعهما، القمر حزين لهذه النهاية، والدب الأصغر يخفق قلبه فرحاً لجمال منظرهما وسعادتهما، الدب الأكبر يبحث معهما من بعيد عن ضالتهما، والنجمة القطبية تبكي.
اشتد ظلام الليل، فأرسل القمر شعاعاً خاصاً لهما، ينير وجهيهما، نظر كل واحد منهما لجمال وجه الآخر.
: – الله، ما أروع وجهكِ حبيبتي.
: – هذا أنت؟ أين كنت ؟ لقد كنت ابحث عنك طويلاً.
: – اين كنت!! لقد جننت لكي أعيدك إلي، فأنت عقلي وقلبي، اما أن أربحكما معاً ، أو أخسر حياتي بخسرانك .
وضع يديه على خصرها، ووضعت يديها على أكتافه، يتراقصان تحت ضوء القمر.
:- أحبك ……….. :- أحبك .
الريح تداعب شعريهما وتطير بشعرها على وجهه، وتسقط بالقرب منهما تلك الورقة، فتركض وتحضرها.
: – هاك اقرأ، مشاعري وأحاسيسي.
فيمسكها بيده، ويقول :- لا حاجة لي بهذه الورقة ، لقد عرفت جميع مشاعرك وأحاسيسك.
فيمزقها وينثرها عالياً، فتذهب مع الريح.
