أنا “هناء عبد الفتاح” .. آنسة لم أطمح بعد في الخامسة والعشرين ربيعا .. موفورة الحسن , ممشوقة القد ومتناسقة القوام .. الوجه دائري والعيون قرنفلية اللون ومكحولة .. الحواجب غير مقرونة .. رسمها الخالق ولا تحتاج لتدخل لتعديل أو حذف أو رسم .. الثغر بسام .. صهباء البشرة.
ولا أريد منكم أن تعتبروني ممعنة في المبالغة وأنا أصف نفسي لكم .. لقد حاولت أن أضع صورتي أمامكم بلا رتوش صناعية أملا في أن يفهمني أحدكم ويدرك حقيقة ما أطلبه عسي أن يدرك دوافع ما أطلبه .
حاولت فيما مضي أن أذكر الايجابيات التي أراها في نفسي .. وعلي رأسها أنني من عائلة ميسورة الحال .. لم تعرف الفاقة في الماضي ولن تعرفه علي المدي المنظور فيما أتمني .. ولا يخفي علي أحد أن مسألة الجمال والحسن هي مسألة نسبية قد تختلف حولها الآراء .. أما مسألة يسر الحال أو الغني والفقر فهي مسألة لا لبس فيها .. لذا أنا أؤكد لكم أنني من عائلة غنية .
أما السلبيات التي أراها أنا في شخصيتي ليست متعددة بالمقارنة لأيجابياتي ..ولن أحاول أن أخفيها كما تفعل بنات “حواء” دائما .. بل إني سأصارحكم بها من البداية .. لعل صراحتي في كشف ستر نفسي تكون حجة لي لا عليَّ .. فأنا مثلا نارية الطبع .. صعب للغاية إرضائى .. أتحول من النقيض إلي النقيض في لحظات .. غيورة للغاية وأحسبني سأكون ـ عندما أتزوج واحدا منكم ـ شديدة الغيرة عليه للغاية إلي الحد الذي سيتسبب في اثارة المشاكل بيننا وبخاصة في أول سنوات زواجنا .. إذا أنت أثرت غيرتي .. سأتحول إلي وحش قد يفترسك .. أحب نفسي فوق ما تتخيل .. وسأحبك فقط لأنك تحبني .. في اللحظة التي سأشعر فيها أنك مللتني سأثير كم من المشاكل لا حد له .. وسأتجهم في وجهك ليل نهار .. إلي أن تأتيني راكعا وتائبا .. وأنا بطبيعة الحال أتمني ألا يحدث هذا وأعتقد أنك أيضا لا تتمني ذلك .
كل البنات في مثل سني وربما أقل من ذلك كانوا يحلمون بفتي أحلامهم .. منهن من كانت تراه في أحلامها وهو يمتطي صهوة فرسا أبيض يخطل في المروج الخضراء أو علي شاطئ البحر حيث تتطاير دفقات المياه عندما تلمس سنابك فرسه المياه المتدافعة علي الرمال .. ومنهن من ترى فتي أحلامها يقود سيارته ذات اللون الأحمر القاني بسقفها المتحرك وهي إلي جانبه بينما شعرها الأسود المرسل يتطاير ويلاحقها كأمواج البحر كلما زادت سرعة سيارته .. وأخرى تري فتي أحلامها وسيما كنجوم السينما والمجتمع .. ورابعة ..وخامسة .. أما أنا يا سادة فلم أري فتايا في أحلامي علي وجه الاطلاق إلا بوجه مشوش لا ملامح له .. وأحيانا بدون وجه ! وحتى وقت قريب لم أجد لذلك تفسيرا .
وعندما كنا نجلس متقاربين في المدرسة نتحاور .. لم يكن حوارنا يدور سوى حول فتي أحلام كل واحدة منا.. الوحيدة التي لم تكن تحكي لزميلاتها عن شكله أو هيئته هو أنا .. لذا عندما كانت تسألني إحدى زميلاتي الخبيثات عن فتي أحلامي .. كنت أستدعي صورا لنجوم شغفت بهم حبا .. ثم أجرى علي ألسنتهم حوارات شتى وأدعي أن هذه الحوارات دارت بيني وبينهم في أحلامي .. وأحيانا كنت أتعدي هذا النمط في الكلام إلي لمس الأيدي وأدعي بأنه لاطف وجنتيَّ في حنو لم أعهده من قبل ..
انتهت أحلام المراهقة وبدأت مرحلة جديدة من حياتي .. وهي مرحلة ما بعد المراهقة البريئة استرجعت فيها القليل مما فات .. حينما كانت تطلب صديقات الطفولة الوقوف علي سجايا في فتي أحلامهن .. منهن من كانت تتمني أن يكون غنيا .. أو وسيما .. أو حنونا وغير ذلك من السجايا الحميدة .. وأعود وأكرر نفس المفردات ثانية .. إلا أنا ..!
القضية أنني كنت أشعر بالغربة الشديدة داخل نفسي وأعرف أنني عنيدة وصعبة المراس .. وفيما مضي عاصرت الكثير من المشاكل التي يدور رحاها في أغلب بيوتنا .. وأذكر جيدا ما حدث ذاك المساء ..
لم أبلغ التاسعة بعد من عمرى .. أستعد لأن أوي إلي فراشي .. فغدا يوم دراسي جديد .. لم يكن أبي في البيت .. أنا وأمي فقط .. حينما عاد من عمله دلفا إلي حجرة نومهما ثم تعالي صوتهما ثم شق صراخ أمي صمت فراغ بيتنا .. أعقبه بكاء ونحيب ولطم علي الخدود ثم غادر أبي البيت ولم يعد إلي الآن والسبب رفع أبي لراية العناد ورفضه تلبية رغبات أمي ..
تركت هذه الحادثة أثرا كبيرا في نفسي حتى أنني بتُ انسانة متوترة علي الرغم أن هناك مواقف كثيرة لم تكن تحتاج في معالجتها سوي إلي الهدوء وإلي ابتسامة علي الثغر .. ولكن بما أن التوتر أصبح سمتي فكانت كل الأمور حتي البسيطة منها تتحول إلي كرة لهب وأنا أنتظر أن تهوي علي رأسي .. فكان لزاما عليَّ أن أظل متحفزة طوال الوقت لمعالجة أي مشكلة قد تطرأ .. وبما أنني أعرف هذا عن نفسي فلزمت الابتعاد عن المشاكل الكبيرة منها والصغيرة علي حد سواء .. لذا فرغم أنني كنت أصخي لما تقوله صديقاتي عما يتمنين من سجايا في فتي أحلامهن كنت أتعجب كل العجب من تلك الأماني التي أري أنهاوإن تحققت لن تقيم بيتا علي أسس متينة وقوية .. بيتا يتحمل العواصف والأزمات التي تطرأ بين حين وآخر
لذا رفضت كل من تقدم لي طالبا الزواج .. لأني لم أجد فيهم من يملأ فراغا ما في نفسي !
وبما أنني موفورة الجمال وميسورة الحال وأعمل في وظيفة مرموقة .. ظن الكثيرون أن وراء رفضي الزواج من أحدهم هو تكبر وغرور وأكتب أنت ما شئت من المترادفات التي لا تعكس سوي رغبة في تحقيق انتصار زائف بسبب اهانة شعر بها أحدهم جراء رفضي قبول طلبه الزواج مني .
وبما أنني مرغوبة ـ حتي الآن ـ وبشدة فقد وضعت شرطا أراه بسيطا للغاية ولكن أنتم ـ معشر الرجال ـ ترونه مهينا لكرامتكم !
أريد فيمن يتقدم طالبا الزواج مني أن يكون .. طيعا يا سادة .. لا .. ليس طيعا فقط .. بل طيعا جدا .. لن أقول كما تقول سائر الفتيات اللدات .. أريد أن أتزوج من فتي وسيما وجذابا وعطوفا إلخ .. إلخ .. فهذه السجايا أرى أنها مفروغ من وجودها في شخصه !
حددت هدفي وانتهي الأمر .. ولا حديث في أمر الزواج إلا بعد أن أتأكد من وجود هذه السجية فيه .. أريد رجلا طيعا جدا ..
لا أريد أن تعتبروا أن هذا الطلب يمثل اهانة لكرامتكم أو لرجولتكم .. بل أعتبروه مطلبا ملحا لن أتنازل عنه ..
وحتي تتأكدوا من جدية طلبي هذا .. سوف أضع المتقدم بطلب الزواج مني في اختبار وعليه أن يجتازه ..!
ولن تكون هناك لجنة رأفة منبثقة من لجنة رأفة .. أو اضافة درجات للمساهمة في نجاح المتقدم دون وجه حق .. ولن تكون هناك أسئلة إختيارية بل ستكون كافة اسئلة الإختبار إجبارية .. وعلي المتقدم أن يجيب عنها بأريحية شديدة ..!
عمرو أنور يكتبــ: بالحب وحده ..!
إلهام حسنين رضوان تكتب: كما يقولون..
رواية “ساحر الكرملين” لجوليانو دا إمبولي: تجربة الغوص في عقل فلاديمير بوتين.
فأنا لا أريد أن أكررتجربة أبي وأمي .. أريد أن يكون زواجي ناجحا وأريد أن أقيم بيتا علي أسس قوية .. وأنا أسعي من الآن ليكون زواجي مثال يحتذي به القاصي والداني .
أري في عيون بعضكم دهشة مشوبة بالتعجب توحي بأنه لم يستوعب الأمر بعد .. أو استوعبه ولا يستطيع إستيعاب صدق ما قرأته عيناه .. أو تأكد من حقيقة ما قرأ ولكنه يرفضه من داخله .. معتبرا أن التلميح بهذا الطلب يعني أنه فقد الكثير من رجولته وكرامته .
ولهؤلاء وغيرهم أقول أن الأمر بغاية البساطة .. أنا سأساهم بقدر لا بأس به في أن يقف مشروع زواجنا علي قدمين ثابتتين .. وسأساهم بالجهد والمال أيضا والحمل والولادة وتربية الأبناء وأنت بماذا ستساهم .. بمرتبك الهزيل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع !
أنا لا أجد غضاضة في أن أقول أنك ستعترف بجميلي هذا وستمطرني بكلمات الحب والغرام والهيام .. ولكن هذه الكلمات رغم أنها ستبعث في نفسي السعادة والسرور .. الا أنها لن تخرج عن كونها مجرد كلمات في النهاية .. وأنا قلت لك قبلا أنني أحرص كل الحرص علي نجاح مشروعنا .. وبما أن إرضائى سيكون صعبا للغاية في ظل مساهماتي الكبيرة في نجاح مشروع زواجنا .. لذا فقد وضعت يدي علي ما سيساهم إلي حد كبير في نجاحه .. أنا لا أريد رجلا يأمر فيطاع بغير وجه حق أو حتي بحق .. لا أريد رجلا يعلو صوته في بيتنا لا لشيء إلا أنه يريد أن يعبر عن تكوينه الخشن لإرهاب من هم يعيشون تحت جناحيه ..!
إذا وضعنا مساهمات كلا منا في كفتين فلن تتساوا .. بل سترجح كفتي أنا .. أذن بأي حجة تأمر أنت فتطاع .. وأعلم أنني لا أبغي أنت تكون أنت ذا شخصية ضعيفة أو بدونها وإنما أن تسلمني أنا مقاليد الأمور طواعية من البداية .. وليس بعد فترة من التناحر بيننا لأنها ستنتقص من رصيد كل منا لدي الآخر .. ولأن مساهماتي المادية والعينية والنفسية فاقت مساهماتك .. فلتتنازل أنت طواعية عن قدر تعتبروه أنتم يا معشر الرجال حق أصيل من حقوق سي السيد وأعني به حق الأمر والنهي .
قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان .. أريد رجلا طيعا .. ليس طيعا فقط .. بل طيعا جدا ..!
نجاح مشروع زواجنا سيعتمد في الأساس عليك أنت وعلي طاعتك العمياء ..! لذا علي من يجد في نفسه هذه الميزة أن يتقدم للإختبار ..!
بالفعل نشرت هذا في إعلان زواج في أحدي الجرائد اليومية ذائعة الصيت .. ورغم أن رئيس التحرير لم يكن يتوقع هذا العدد من الموافقات علي الارتباط بي متنازلين طواعية عن أحد حقوقهم الأصيلة .. إلا أنه أتصل بي وقال :
ـ جميعهم وافقوا علي خوض الإختبار الذي ستعقدينه لهم إلا واحدا ..!
يا إلهي .. كل هؤلاء رفعوا أصابعهم معلنين قبول شرط الطاعة العمياء إلا واحدا ..
هذا الواحد هو من تزوجته لأنه رفض أن يتنازل عن كرامته !
فتنازلت أنا عن شرطي ..!