You Create, We Appreciate

مصطفى الحاج حسين يكتبــ: خارج دائرة النّسيان…(قصة قصيرة).

مصطفى الحاج حسين يكتبــ: خارج دائرة النّسيان…(قصة قصيرة).
الكاتب والشاعر: مصطفى الحاج حسين
الكاتب والشاعر: مصطفى الحاج حسين

ليس بوسعي أن أنسى ذلك اليوم، سنوات مضت ومازلت أذكر بألم جمّ تلك الحادثة المريرة، فاعذرني ياأبي إن رويتها اليوم، ليس بقصد التّشهير بك، فأنت تعلم أنّي سامحتك من كلّ قلبي، أنا لست حقوداً لا سيّما على من كان صاحب الفضل والإحسان عليّ.
حاولت كثيراً أن أمتنع عن كتابة قصّتي هذه، بل كتبتها مراراً ومزّقتها ودموعي لا تنقطع، وأنا أتّهم نفسي بالحقد عليك، وأخجل أن يطّلع الناس على مافعلته بي ذلك اليوم.
لكنّني لا أقدر على النّسيان، لقد كانت تجربة قاسية، أقسى مما تتصوّر، ربما تظنّ أنّني نسيت، خاصة وأنت ترى تعاملي معك حالياً، خالياً من أيّ كرهٍ أو حقد.. ولكن لعلّك أنت الذي نسي، لو كنت مكانك وفعلت ما فعلته معي، لكنت اعتذرت من ابني آلاف المرات، بل لطوّقته وبكيت حتى أرغمه على مسامحتي.. فعلى الأباء أن يعتذروا أحياناً.
لذلك اعذرني إن رويت الحادثة، وأعدّت صورة الماضي، أنت لم تعتذر منّي مع أنّي أعلم أنّك ندمت، لأنّ مافعلته معي ليس من جوهر شخصيّتك، صحيح أنّك تبدو لنا نحن أولادك حازماً قاسياً، لكنّك تملك بين جوانبك قلباً طيّباً.. أنا أعرف السّبب الذي دفعك لتقدّم بحقّي الشّكوى إلى النيّابة العامّة. إنّه ابن عمّك.. إنّك تنسى نفسك وتنساق مع آراء الآخرين وأقاويلهم. فإذا جالست رجلاً متديّناً واظبت على الصّلاة والتّقوى، وتبدأ بالتشديد علينا، علّنا تقتدي
بك!، لكنّك سرعان ما تغيّر هذا وتنقطع عنه، إذا جالست رجل آخر، متزمّتاً قاسياً، فتفكّر بإخراج بناتك من المدرسة، لأنّ قناعة صاحبك تقتضي بأنّ البنت خلقت خادمة في البيت فقط.

هكذا أنت، تتأثّر بآراء الآخرين، إن صادقت جاهلاً كرهت العلم، وإن تعرّفت على بخيل بخلت علينا، وإن شاهدت ريفيّاً حننت إلى موطنك الأصلي مدينة ” الباب “، وأخذت تفكّر ببيع المنزل والعودة إلى بلدتك الصّغيرة، مع أنّك رحلت إلى “حلب”بحجّة أنّ مستقبل أولادك هنا أفضل . لذلك كلّه فأنا لا ألومك، بقدر ما أشفق عليك.
حدث ذلك كما تذكر، عندما قدّمت استقالتي من المخبز الآلي، وذهبت لأعمل معك في مهنة البناء، صنعتنا الأزلية.
“أبو سعيد” شريكك كان يحرّضك ضدّي، ولطالما نبّهتك لهذا، فكنت تنفيه، وتقول:
– لا أحد يقدر على التّدخل بيننا.
ولكنّك أردتني أن أعود طفلاً.. فلقد أهال “أبا سعيد” أن يراني أدخّن أمامك،
فأخذ ينتقدني وبدأت أنت تتحسّس، مع أنّك أنت الذي سمحت لي بالتّدخين منذ أكثر من عشر سنوات.
كان “أبو سعيد” يطمع أن يدمّر علاقتنا.
ولا أدري ما هو قصده، لكنّني كنت أحسّ بهذا جيداً، وأنت لا تريد أن تسمعني، وبوماً بعد يوم، كنت تسمع صوت “أبي سعيد”، فصرت تنزعج منّي لأنّي مشغوف بالقراءة والكتابة… وأنت تعرف أنّي نشأت على هذه العادة، وكم كنت تسرّ يوم أنشر قصيدة في الجّريدة، فتتباهى بي أمام الآخرين، إذاً ما الذي غيّرك إن لم يكن “أبو سعيد”
؟!.. كان رأيك مشابهاً لرأيه، أصبحت تناقشني كثيراً في خطورة استمراري في المطالعة، كما كان يناقشني”أبو سعيد”:
– من يقرأ كثيراً يفقد بصره بالتّدريج.
– غداً عندما تتزوّج.. زوجتك لن تتحمّل جلوسك صامتاً قربها وأنت تقرأ.. المرأة بحاجة إلى رجل، رجل يروي شهوتها، فالنساء بسبع شهوات.
ولقد توقّع لي”أبو سعيد” أنّ زوجتي في المستقبل ستخونني لأنّني سوف أهملها وأهتمّ بالكتابة والقراءة.
وأنت يا أبي كنت تؤيده ، وأخذت تردّد كلامه وأنت تقول لي:
– “أبو سعيد” لا علاقة له بالموضوع.
ألا تذكر كيف أخذك وأمّي إلى المرأة المشعوذة، حتّى تستشفّ لكم مستقبلي ودفعت لها خمسمائة ليرة سوريةمقابل
أنّها بصقت لكم في كوب ماء، وصارت أمّي وشقيقاتي يضعن لي قطرة من هذا الكوب في الشاي والقهوة دون أن أعلم.
لم يقتصر أمرك مع “أبي سعيد” على هذا فقط، بل أردتما أن تجعلاني ولداً صغيراً لا شخصية له، صرت تدقّق على طريقة جلوسي أمامك، تنتقدني إن وضعت رجلاً على رجل، أشياء كثيرة صارت تزعجك منّي، رؤيتك لي بالقميص الدّاخلي.. حركتي.. كلامي، كلّ شيء.. ماعدتَ تثق بي وبرجولتي، وأنا ابن الخمسة وعشرين عاماً، نسيت َ أنّني كنتُ موظّفاً ورئيس ورديّة في المخبز، ومسؤولاً عن مائة وخمسين عاملاً وعاملة.. كلّ هذا لأنّني صرت أعمل معك ومع “أبي سعيد” شريكك، ماذا كنت تريدني أن أفعل؟، ألّا أقدّم استقالتي وأشاركهم في سرقة ونهب المخبز؟!.
أنت تعرف لم يكن أمامي إلّا الاستقالة
، وكان الأجدر بك أن تعتزّ بابنك الذي ضحى بوظيفته حتّى يحافظ على نظافته.
ما كنت أحسب أنّك ستستغلّني بالعمل معك بهذه الطّريقة!.. تشغّلني عندك بأجرة أقلّ من أجرة أيّ عامل عندك، وأنا معمار ولست بالطيّان، وكنت أحياناً تمتنع عن دفع أجرتي وتؤجّلها، وأنت تعرف أنّي مدين لمصرف التّسليف الشّعبي، وإذا طالبتك، قلت لي عبارة
“أبي سعيد”:
– الولد إن اشتغل عند أبيه، لا أجرة له.
عندما تركت الشّغل معك جنّ جنونك
..أهنتني، وطلبت منّي مغادرة المنزل، عند ذاك لم أعد أحتمل، فصرخت
بوجهك:
– ولكنّي أريد حقّي.. أجرتي.
قسوتَ عليّ وقلتَ أفظع الكلمات، فهدّدتك بقتل نفسي، وخرجت.
وعندما عدتُ أخبرني أخوتي بأنّك قدَّمتَ شكوى بحقّي إلى المخفر.. وأنّك دفعت لهم رشوة مقابل أن يضربوني ويهينوا كرامتي، لم أصدّق الخبر، ولم أتخيّل مطلقاً أنّك ممكن أن تفعل هذا!
.. لكنّي في الصّباح شعرت بك وأنت تفتح باب غرفتي (تتأكّد من وجودي)، تظاهرت أنا بالنوم، وخرجتَ أنت، فانتابني إحساس بأنّك ذاهب لإحضار
رجال الشّرطة، فلم أتحرّك من مكاني، أردت أن أحقق لك حلمك فتنفّذ فكرتك
تلك.
غفوتُ.. ولم أصح إلّا على الجّلبة، وإذا بي أرى الشّرطة حول سريري، انقضّوا عليّ كمجرمٍ خطيرٍ، وأخذ سمينهم يضربني، بينما كنتَ ياأبي تقف خلفهم تشاهد مايجري هالني الأمر واحتججتُ،ولكنّهم أسكتوني بضرباتهم
وسبابهم.. في تلك اللحظة غلى الدّم في عروقي، وشعرت نحوك بكرهٍ شديد.. كنتَ شامتاً بي، صرختُ في وجوههم:
– أنا أعرف أنّه أعطاكم رشوة كي تضربوني.
ازدادوا شراسة، وقال سمينهم:
– سنكسّر رأسك يا كلب.
قادوني في ملابس النوم إلى سيارتهم
،وأوثقوا يديّ ، أمام الجيران، وخوف أخوتي الصّغار، ودموع أمي وأخواتي اللواتي يشهقن خلف الباب، وصعدتَ أنتَ إلى جواري، كنت في السّيارة تدخن بصمت ولكنّك تتشفّى بي، كأنّي عدوٍ.. وفي المخفر، لم أنج من ضربات الضّابط، وهو يقول لي:
– وسكران أيضاً ياحقير.
– أنا لستُ سكراناً.. ولا أسكر.. وكنت نائماً.
صرختُ والألم يمزّق أعماقي، لكنّه كان قابضاً منك ثمن ظلمه لي، لذلك لم يكترث لكلامي، وأمر رجاله أن يأخدوني ليعملوا اللازم.
أدخلني المساعد إلى غرفة مليئة بالأسرة وراح يستجوبني.. اسمي.. عمري.. عملي.. سبب تركي وطيفتي.. ثم سبب خلافي معكَ.
وكان أحدهم يسجّل أقوالي، ثمّ أخذوني إلى “النظارة”..وطلبوا منك أن تذهب للبيت لتحضر لي بطاقتي الشّخصية وثيابي.
بفضلك يا أبي الحنون أدخل لأول مرّة “النظارة” المعتمة، لم أجد بها رفيقاً
كنت بمفردي، شدّة الظّلام جعلتني لا أرى شيئاً، ومضت أكثر من ساعتين كدهر وأنا موقوف لا أتبيّنَ شيئاً من حولي، لم أشعر سوى بالرطوبة وروائح التّبول والعفونة. وقفت أبكي وأنا أشكُّ أنّني في حلم مزعج… وتذكّرت أشياء كثيرة:
– (ترى ماذا ستقول خطيبتي إن علمت بالأمر)؟؟!!
أقسمتُ ألّا أنسى لك هذا الموقف ماحييت ياأبي، عاهدت نفسي على نسيانك إلى الأبد، لن أعود إليك بعد خروجي، سأهجر البيت إلى أن تموت.. تذكرت أمّي وشقيقاتي، لا بدّ أنّهنّ يبكين، ولكن ماذا يستطعنَ؟! إنّهنَّ يرهبنك.. بكيتُ بحرقة وتمنّيت أن أموت.
سمعت حركة على الباب، ثمّ فتح الشّرطي ومن خلفه أنت، تناوله ثيابي وخذائي، فقلت لك:
– بسيطة يا أبي.
فهجم الشّرطي وصفعني بقوة.. وخرجتما، فتّشت جيوبي أريد علبة التّبغ، وكانت خيبتي كبيرة عندما لم أجدها، تيقّنت أنّك أخذتها لتحرمني حتى من التّدخين. ولم أجد في جيوبي ماكان فيها من نقود قليلة:
– (ياالله كم كنت قاسياً وفظيعاً!!).
و بعد أكثر من ساعة، في ذلك المكان المظلم والكريه، فتح الباب وناداني الشّرطيَّ، وضع الحديد في معصميّ وقادني إلى الشّارع، ياله من منظر مهين ومؤلم، سار بي ثلاثة من الشّرطة، فاقتحمتني نظرات الناس من حولي، والشّرطة يبحثون عن سيارة أجرة لينقلوني إلى القصر العدلي،
أخيراً أوقفوا سيارة وصعدنا، أشعل الشّرطيَّ الجالس إلى يميني سيكارة.. فقلت له:
– هل يمكنني أن أطلب منك واحدة؟
رمقني بنظرة ازدراء:
– لا ليس ممكناً.
لمتُ نفسي لأنّي طلبتُ من هذا الوحش سيكارة.. وبعد قليل قال لي آمراً:
– ادفع للسائق أجرة السّيارة. قلت مقهوراً:
– لا أحمل نقوداً.. والدي أفرغ لي جيوبي.
التفت نحوي الشّرطي الجالس قرب السّائق:
– وتريدنا أن ندفع الإجرة من جيوبنا يا كلب.
هربت منهم بنظراتي عبر نافذة السيارة، (الناس فرحون بحريّتهم).. وماهي إلّا دقائق حتى كنّا في القصر العدلي، ووجدناك. تنتظرنا، فأخذوا منك إجرة السّيارة.
سرنا إلى داخل القصر، أدخلوني إلى مكتب، بصمتُ على ورقة لا أدري ما كتب فيها، ونصحني الموظّف أن أقبل يدك وأطلب السّماح منك، ولا أدري كيف سمعتُ كلامه وانحنيت لأخذ يدك لأقبّلها، لكنّك سحبتها بعنفٍ ورفضت.
رفضتَ أن تسامحني فشعرتُ بالإهانة والنّدم، وحقدتُ عليكَ وعلى ذلك الموظف الأشيب.
بعد ذلك توجّه بي الرجال الثّلاثة، نحو قبوٍ.. مشينا في ممرّات عديدة، حتّى وصلّنا النظارة الكبيرة، التي تعجّ الموقوفين المختلفي الأعمار والأحجام
..أدخلوني بينهم.. كان بعضهم يدخّن، لكنّي أمسكت نفسي عن الطّلب خشية الصّدمة الثّانية.. كنتُ فقط أقترب من المدخّنين لأتنشّق الرائحة منهم.
كيف لك أن تلومني على كتابة هذه القصة بعد ياأبي؟! وأنا أتذكّر كلّ هذه الأمور، محال أن أنسى، فأرجو أن تغفر لي ذلك.

خطر لي أن أبيع خاتم خطوبتي، لأيّ واحد من هؤلاء الموقوفين، وأشتري من السّجان السّكائر والشّاي والصندويش.. تذكّرت “رغداء” خطيبتي، وموقفي منها، فقررت أن أفسخ الخطبة، لأنّي ماعدت قادراً على مواجهتها بعد أن أدخلتني هذا المكان، وقبل أن أحسم الموقف، نادى الشّرطي باسمي، فخرجت معه والقيد من جديد عاد إلى يديَّ.
أمام باب وكيل النّيابة، فكّ قيدي وأدخلني، وقفت أمام طاولة الوكيل صامتاً مطرق الرّأس، حدجني بنظرة متفحّصة، ثمّ عاد إلى أوراقه، شعرت بالحسد تجاهه، أحسست بالدّونية، أنا في نظره مجرم، عاق وتافه.
طالت وقفتي، وامتدّ انتظاري، الهدوء مخيّماً على المكان، فسعلتُ لأبدّد هذا الصّمت القاتل، وأنبهه إلى وجودي..
الكراسي كثيرة في الغرفة، فخمة وأنيقة، وأنا أقف متعباً وذليلاً، وهو كما يبدو لا يدخن فلا أثر لسيكارة أو منفضة.
رفع رأسه أخيراً عن أوراقه:
– حدّثتي يا “مصطفى”.. كيف هدّدت والدك بالقتل؟
مادت الأرض تحتي، شعرت بضربة قويّة هوت على رأسي.. أيعقل هذا؟! أإلى هذا الحدّ بلغت قسوتك ياأبي؟! تتهمني بالقتل؟!؟! وانفجرت دمعتي بالكلام:
– سيدي.. أنا لم أهدّده بالقتل.. صدّقني.
تطلّع إليّ.. تفرّسني بشدّة.. وقال:
– لكنّ والدك يدّعي عليك، والتّهديد بالقتل أفظع من الشّروع به.
ماذا أقول له يا أبي؟! ماذا أقول؟!:
– أبي يكذب.
صعب عليّ هذا القول ياأبي.. صعب عليّ.. لا يجوز لي أن أقول عنك كاذب. قلت بصوتٍ مختنق:
– سيّدي.. اسأل أمّي وأخواتي.. لم أهدده.
قاطعني:
– الشّكوى من الوالد بحقّ ابنه لا تتطلّب شهوداً.. والدك صادق حتماً.
وصرخت:
– سيّدي.. هذا لا يمكن، يحدث أن يكون هناك آباء قساة، بكلّ سهولة يظلمون أولادهم، ووالدي منهم.. بل وفي مقدّمتهم، أقسم أن يقدّم الرّشوة للشرطة حتى يضربوني.. ويكتبوا المحضر كما يريد.. وها هو قد فعل.. أنا يا سيدي لست جاهلاً حتى أقدم على مثل هذه الحماقة.. أهدّده بالقتل!!!.. لا يا سيدي.. أنا شاعر.. مثقّف، وإن كنت لا تصدّق خذ هذه الورقة المقصوصة من جريدة ” البعث “، والتي وجدتها لحسن الحظ في جيبي، وأنا أفتّشه
عن علبة الدخان، في المخفر.
تناول المحقق من يدي الأقصوصة،
وأخذ يقرأها وينظر إلى الصورةالمرفقة
معها، ونظر إليّ، إنّها صورتي دون أدنى شك.
كنت أراقب تعابير وجهه، شعرت أنّ ملامح القسوة قد تلاشت وحلّت محلّها ملامح إنسانية دافئة رقيقة. بعد أن فرغ من القراءة، نظر نحوي.. فأحسست بالأمان.. إنّه إنسان طيب، لا بدّ أنّه سيتفهّم وضعي.
ولأوّل مرّة يشير إليّ بيده، ويطلب منّي الجلوس، ففعلت لقد كنت منهكاً تماماً. قال:
– أنا آسف يا أستاذ “مصطفى”… أنت شاعر فعلاً.. كنت أظنّك مجرماً عاقاً لأبيك.
فأخذت أسرد عليه حكايتي، وهو يهزّ لي رأسه، حدّثته عن كلّ شيء… فأخذ ينصحني بمسايرتك ومجاملتك كما يفعل هو مع والده الشّديد الصّعوبة في التّعامل، وأقسم أنّه كان عازماً على إيقافي شهراً كاملاً.. لكنّه غيّر رأيه، وسوف يفرج عنّي.
عندما خرجت.. كان المطر يهطل بغزارة، ولحسن حظّي كانت السّرايا تقع قرب قلعة حلب، أي هي قريبة من مركز المدينة، السّوق التّجاري العظيم، فانطلقتُ إلى سوق الذّهب. وهناك بعت خاتم الخطبة، واشتريت على الفور علبة سكائر، وبعد أن أحرقت عدّة سكائر بشغف وجنون، دخلتومطعماً
وأسكتُّ عواء معدتي الخاوية.
عدتُ إلى البيت لا من أجلك، بل من أجلِ أمّي وشقيقاتي..
وليت الأمور وقفت عند هذا الحد، ظلّت المحاكمة بيني وبينك تلاحقني لأكثر من سنة، وكنت ترفض أن تسقط حقّكَ، وترفض أن تعترف أمام القاضي بأنّي لم أهدّدك بالقتل.. ولم أتخلّص من هذه الورطة، إلّا عن طريق محام كان صديقي وهكذا أنقذني من سجنٍ كان محالة سوف أدخله.

Related Posts
Leave a Reply

Your email address will not be published.Required fields are marked *

Instagram
Telegram
WhatsApp