ديلي تليجراف:
قبل ستين عامًا، في هذا الشهر المميز، كانت كينيا تستعد لترسيم فصل جديد في تاريخها. كان اليوم الذي اعتبره الكينيون آنذاك حلول الحرية ونهاية فصل الاستعمار البريطاني. في لحظة مليئة بالفخر والحماس، انخرط حشد ضخم من 250 ألف متفرج في ملعب أوهورو في نيروبي في توديع العلم البريطاني ورفع علم كينيا الجديد بألوانه الرائعة: الأسود والأخضر والأحمر والأبيض.
وكما يقول نيكولاس رانكين، كانت تلك اللحظات مثقلة بالرمزية والتأريخ، حيث انحنى دوق إدنبرة بابتسامة لرئيس الوزراء الجديد جومو كينياتا، مطالبًا إياه بتغيير رأيه. لكن ما لا يعلمه الكثيرون هو اللحظات القليلة التي ظل فيها العلم الكيني معلقًا على العمود، كما لو كان يتردد في الرحيل عن عهد الاستعمار.
- إله اللا خير: سيتا ووكر كتاب عن رحلة لإنسان كفر بكل شيء.
- الأكثر مبيعا: ويل سميث يتصدر المشهد بكتاب سيرته الذاتية
رانكين، الشاب البريطاني الذي عاش في كينيا خلال فترة الاستعمار، يروي قصته بأسلوب مشوق ومؤثر. فقد كتب مذكراته، تحاول فهم الحياة في ظل كلمتي “ماو ماو”، التي كانت تحمل وراءها حروبًا أهلية وصراعات غير مسبوقة.
تتميز قصة رانكين بأنها ليست مجرد تاريخ هادئ للاستعمار، بل تقدم رؤى جديدة ومثيرة. يسلط الضوء على تفاصيل يومية للحياة في كينيا خلال تلك الفترة، وينقل القارئ إلى عوالم لم يسمع عنها من قبل.
وفيما يتناول الكتاب الصراعات السياسية والاجتماعية، يتنقل ببراعة بين الأحداث التاريخية واللحظات الشخصية، حيث يرسم صورًا حية للشخصيات والتفاصيل الثقافية. يتجلى في الكتاب قدرة رانكين على تقديم صورة متوازنة وشاملة لهذه الفترة المعقدة.
مع تسليط الضوء على الصراعات الأرضية التي كانت جزءًا لا يتجزأ من حركة “ماو ماو”، يكشف الكتاب عن تباين الآراء والتحديات التي واجهت المجتمع في ذلك الوقت. الأمور لم تكن بيضاء أو سوداء، بل كانت تتنوع بين الرفض والتأييد، وبين العنف والسلام.
وكما يروي رانكين، لا يزال لغز الاستعمار يحير الكثيرين حتى اليوم. فكيف يمكن للفرد أن يقيم الفترة التي عاش فيها بين أطوار التاريخ والتشدد الثقافي؟ هل يجب على الإنسان أن يحمل ذنب الاستعمار، أم أنه يمكنه أن يفحص الأمور بروح منفتحة وعقلانية؟
مع كلمات رنينها القوية وسردها الشيق، يأخذنا كتاب “محاصر في التاريخ” في رحلة زمنية مشوقة، حيث يعيد النظر في تاريخ كينيا بأسلوب يشعرنا بالفضول والتأمل في آن واحد. يظهر الكتاب بشكل واضح أن الحكايات الفردية يمكن أن تلقي الضوء على تفاصيل لا يمكن إدراكها من خلال الدروس التاريخية الرسمية، مما يجعله قراءة لا تُنسى لكل من يهتم بفهم تاريخ وتأثير الاستعمار.