يُنكِرُ بعضُ الشُّعراءِ والكُتّابِ فائدةَ النَّقدِ ، حتي
وصل الأمرُ بهم أن وجّهوا إلي النُّقادِ الكثيرَ من
اللَّومِ والعِتاب والتأنيبِ ، وقذفوهم بأبشعُ التُّهَم،
حتي (ابنُ الرومي) وهو مِن أعظم شُعَراءِ العربيّةِ
عَنَّف ( أبا عيسى ابن القَنوط ) بقصيدةٍ مُمتلئةٍ بالسَّبِّ والقذفِ والتُّهَمِ الخطيرةِ نظيرَ أن انتقدَ
الرجُلُ بعضَ شِعره ، فردّ عليه بقصيدةٍ هجاه فيها
كان مطلعُها :
أتاني عنكَ أنّكَ عِبتَ شِعري
ومازلتَ المُضَلِّلَ في قياسِك
لقد نظرَ إليهم بعضُ الكُتّابِ والشُّعراءِ نظرةَ انتقاصٍ
وقالوا عنهم إنّهم كُتّابٌ أو شُعراء أخفَقوا ،وخذلَتهم
مواهبُهم ، وأرادوا أن يثأروا لِعجزِهِم ، ويستُروا
تقصيرَهم ، فعمَدوا إلى النقدِ ليَشفوا غليلَهم وينالوا
من الشُّعَراءِ والكُتّاب.
- حامد حبيب يكتبـــ: أقسامٌ تتعلَّقُ بالاستعارة.
- “الحب….؟؟؟؟”بقلم : إيميلي إيما _النمسا، ترجمة : حامد حبيب _مصر
وقد أعلنها صراحةً الوزير السياسي والأديب
(دزرائيلى) ، حين كتبَ رسالةً إلي أحدِ أصدقائِه
قائلاً : ” أنت تعرفُ مَن هُم النُّقّاد؟هم الذين أخفقوا
في الأدبِ والفَنّ”.
وقال(كولردج) عن النُّقاد :” النُّقّادُ فريقٌ من الناسِ
لو استطاعوا لكانوا شُعراءَ أو مؤرِّخين أو كُتّاب
تراجِم،وقد جرّبوا ملكاتِهم في مُعالَجَةِ هذه الألوان
من الأدبِ ولمّا أخفقوا انقلبوا نُقّاداً “.
إنها مِن طبيعةِ الكُتّابِ إذا عابَ الناقدُ عليهم شيئاً
ضاقوا بالنقدِ جميعِه ، حتّى ادّعوا أنّهم لم يَفيدوا
من النقد شيئاً.
ولكنَّ النقدَ ليس هدفُه الأوّل أن يُفيدَ المؤلِّفَ ، أو
يأخُذَ بيدِه،وفي ذلك الوقتِ قد يُصلِح من شأنِ
المؤلِّف ويُجنِّبهُ الكثيرَ من المزالِق ويوجِّههُ توجيهاً
حسَناً .
والناقدُ يكتب للقارئِ قبل كلِّ شئٍ لاللكاتب أو الشاعِر،ولْيُمتِعَ القارئَ أو يُرشدَهُ ويَهديه،ويُمكِن أن
نُسمِّى نقدَهُ فيضاً من العواطفِ والأفكارِ التي أثارها
الكتابُ الذي قرأه في نفسِه ، فيتحمّسَ للكتابةِ ويُحفِّزنا إلى قراءةِ الكتابِ والاستمتاعِ به ، وهو ماعبّر عنه (أناتول فرانس) في قولِه عن النقد :
” إنُّه مُخاطراتُ الرّوحِ بين الطرائِف”.
______________
حامد حبيب _ مصر