الثقافة معناها ودلالتها
لا أميل أبدا للتنظير أو القولبة أو الأكليشيهات المحفوظة والمحفورة، وحين تسأل عجوزا فقيراً يجلس في كوخه الصغير في أعمق وأبعد بقعة من هذا الكون وتجد الحكمة تخرج من كل كلمة يفوه بها فبالله لا تسأله “ماذا قرأت” أو كيف تعلمت كل هذا؟
حين تصطدم بدكتور أكاديمي في مجال ما وتجده متعصباً لرأي يحتمل أكثر من رؤية فلا تأخذّنك الدهشة وتتساءل من المحِقّ؟
فقد تكون أنت على الحق وقد يكون هو..
حين تستغرقك الأشياء وتنوء بك الأفكار وتعجز عن إجابة أسئلة تملأ رأسك.. لا تهزها وتنصرف لأنك – بكل بساطة – تقتلها.
****
كانت تلك مقدمة لابد منها لأتلمس خطوتي في رحاب “الكلمة”
أجد بعض الشباب المتحمّس يسألك هل قرأت كتاب كذا لفلان فتجيب نعم، فيبادرك هل تعلم بأي سنة مات فلان؟ ومتى ولد؟ وكم كتاباً ألّف؟ ولماذا لم ينجب؟ إلى آخر الأسئلة التي من هذا القبيل.
ثقافة صحية
أهمس في أذنك صديقي العزيز هناك فارق كبير وبون شاسع بين القراءة التي تكسبنا الثقافة لنواجه أمراضنا الاجتماعية وبين القراءة ك”معلوماتية”. كم؟ وكيف؟ ومتى؟ وأين؟
ولعلّ أول ما يخطر على ذهني سؤال: لماذا نقرأ؟
هل للتعلّم أم للوصول لمعلومة؟
فارق وبون واسع بين الاثنتين
حين جاء أحدهم إلى حكيم وقال: أريد أن أصبح شاعرا، قال له الحكيم: “اذهب فاحفظ ألف بيت من الشعر”، عاد بعد زمن وقد حفظها…قال له: “اذهب حتى تنسى ما حفظت” أخذت الدهشة الرجل ولكنه وافق ورضى حتى ولو بدون قناعة حقيقية.. وغاب زمناً وعاد ثانية للشاعر.. وقال له لقد نسيت ما حفظت.. قال له: “اذهب فأنت الآن تستطيع كتابة الشعر”.
هذه الحكاية تحتوي على العديد من الدروس التي لو التزمنا بها لأصبحنا مجتمعا متقدّما ومتحضّرا.
- لا يهم لماذا نقرأ.. بقدر ما هو مهم أن نقرأ.. وأن نجعل الكتاب مادة يومية إجبارية.. كالطعام والماء.
- احترام ذوى الخبرة وأهل العلم
- وهو الأهم فيما يخص قولنا اليوم.. كي تؤدى القراءة فائدتها المرجوّة لابد وأن تتواتر وتستمر وتتنوع دون النظر عن الإستفادة الفعلية الحالية مما قرات..
وهناك مثل صيني «اقرأ ألف كتاب وسيتدفق منك الكلام مثل نهر»
القراءة كالأكل لابد أن يٌمضغ جيدا ويمر بمراحل الهضم ثم التمثيل الغذائي…
لينتج لنا في النهاية الشخص “المثقف”.