هذا العالم!
هذا العالم مكان مثير للسخرية..!
هذا كل ما دار ببالي بينما أتصفح الديلي ميل البريطانية بحثا عن مستجدات الوضع في العالم وغزة خصوصا، حينما طالعني خبر غريب ومثير للسخرية..
تقول الديلي ميل – يا سيدي- ابن العالم الثالث – الذي يموت اخوتك وابناؤك تحت الأنقاض والقصف في كل لحظة، وتطالعك مقاطع الفيديو على الانترنت بما يبكيك من رعب الأطفال ووجوه الجميلات الغارقة في الموت والدماء: أن العالم المتقدم نجح في انقاذ “الخروف الأكثر وحدة في العالم”.
الخروف الوحيد!
نعم..هناك خروف وحيد..تذكر الوصف..الخروف ليس جريحا جراء القصف
الخروف ليس يتيما..
الخروف ليس محاصرا
ليس محروما من الغذاء والماء والكهرباء والوقود، ولا يعاني من نقص الأدوية..
الخروف هو الأكثر وحدة في بريطانيا..
أنت أيضا وحيد؟! فقدت أسرتك!
أخوك ظل يوما أو اثنين تحت الأنقاض..!
أطفالك وزوجتك راحوا جراء القصف !
خروف في المصيف!
مالنا وإياك يا بني آدم..أقول الخروف..الخروف!! أو بالأصح النعجة “فيونا”(هكذا تم تسميتها) التي كانت تعيش وحيدة على شاطئ صخري لمدة عامين..
طبعا معيشة على شاطئ صخري رائع مثل هذا بالنسبة لك هي مصيف معتبر لا يناله إلا ذوي الحظوة!!
وعرضت إحدى شركات الحوامات المساعدة في رفع الحيوان إلى الأرض الجافة بسبب مخاوف من أن التضاريس الصخرية ستجعل من المستحيل استخدام زورق أو قارب.
- ما هي الثقافة؟
- كشف أثري جديد في المغرب..ميناء بحري في “سلا” من العصر الروماني
- مصطفى عوض يكتب: نصوص قديمة
وفي النهاية، تمكنت مجموعة من خمسة مزارعين – بقيادة جزاز الأغنام كامي ويلسون – من نقل فيونا إلى أعلى منحدر شديد الانحدار إلى بر الأمان باستخدام “المعدات الثقيلة”.
واستخدم رجال الإنقاذ رافعة مثبتة على شاحنة متوقفة على قمة الجرف، وحبلًا بطول 200 متر، وحقيبة طعام تم تصميمها على شكل حبال مؤقتة فيما وصف بالمهمة “الملحمية”..ملحمية يا ابن الأفاعي.
بقي اثنان من الرجال في الأعلى لتشغيل الرافعة بينما تم إنزال ثلاثة آخرين على ارتفاع 250 مترًا أسفل المنحدر الحاد حيث وجدوا فيونا في كهف وأرشدوها إلى أعلى وجه الصخر.
المهمة الملحمية!
وبعد محاولات عدة وصفتها “جمعية مكافحة القسوة على الحيوانات” (أليس هناك جمعيات لمكافحة قتل الانسان؟) بأنها غاية في الصعوبة واستخدام 200 متر من الحبال واستخدام طائرات بدون طيار، تمت أخيرا عملية الانقاذ العظيمة، وبعد عشرات الصور لفريق الانقاذ مع الحيوان الذي أصبحت شهرته تجوب الآفاق إلى حد أن تتصدر صوره وآخباره الديلي ميل جنبا إلى جنب مع تقرير الحكاية الدعائية المتعاطفة بشكل غاية في التهويل مع الموديل الاسرئيلية التي نجت من الموت (بإعجوبة) بعد أن اختبأت تحت جثة خطيبها من الغزاة الذين – يا حرام – كانوا يقتلون الجميع.. تم ارسال النعجة “فيونا” إلى مزرعة جميلة في إسكتلندا لتعيش حياة هادئة بعد التجربة (القاسية) التي مرت بها
هل عرفت يا صديقي لماذا هو عالم مثير للسخرية؟!
…..