ظهرت البنيوية التوليدية في منتصف القرن العشرين، حوالي عام ١٩٦٠م من قبل الناقد الفرنسي لوسيان جولدمان ( Lucien Goldmann) ، منهاج البنيوية التوليدية يقدم مدخلا داخليا و خارجيا لدراسة النص الأدبي.
المفكر الفرنسي لوسيان جولدمان وجد في ذلك الوقت منهجين لدراسة النص ، أحدهما منهج سياقي خارجي و الآخر منهج نسقي داخلي .
المنهج السياقي الخارجي : يدرس النص الأدبي من الخارج ، حسب السياق التاريخي أو الإجتماعي أو النفسي، فهو يبدأ من الخارج ، فمثلا في النقد الإجتماعي يتم ملاحظة القضايا الإجتماعية و كيفية إنعكاسها داخل النص الأدبي، وفي السياق التاريخي يتم ملاحظة الظروف التاريخية التي أفرزت النص و كيف أثرت عليه من الداخل ، بينما في السياق النفسي يتم ملاحظة حياة المبدع و كيف إنعكست في عمله الأدبي.
أما المنهج النسقي الداخلي: فهو منهج يهتم بدراسة النص من الداخل ، أي يهتم بدراسة النسق اللغوي داخل النص، مثل منهج ( رولان بارت ) الذي نادى بموت المؤلف .
لوسيان جولدمان عمل على المزج بين المنهجين ، السياقي الخارجي و النسقي الداخلي، فأخذ من الاول نظرية الإنعكاس التي فرضها النقد الإجتماعي، ونظرية الإنعكاس هذه تدرس كيف يعكس الأدب الواقع الإجتماعي، أي أن الأدب يكون مرآة عاكسة للواقع الإجتماعي، أي أنها نظرية تنظر للنص الأدبي من الخارج ، و أخذ من المنهج النسقي الداخلي، المنهج البنيوي و حاول المزج ما بين نظرية الإنعكاس و بين المنهج البنيوي، و أكد لوسيان ضرورة البدء من داخل النص و التعامل معه كبنيات لغوية و أن كل بنية لغوية موجودة في النص إنما تولدت عن بنية إجتماعية من الخارج ، أي الإهتمام بدراسة النسق اللغوي من الداخل على أنه مجموعة بنى ، و القيام بدراسة كل بنية لغوية بمستوياتها التركيبية و الجمالية و النحوية ….ألخ .، أي أن هذه البنية الفنية تولدت عن بنية إجتماعية خارجية .
- سيد الوكيل يكتبـــ: القصة العربية وتحولاتها من التراث إلى الخيال الغيري
- “كيف تقلي بيضة!” تعاون جديد بين كاتب الجوائز و Kinzy Publishing Agency
لوسيان جولدمان فرق بين البنيوية الشكلية و البنيوية التوليدية ، فالأولى تركز على الانساق البنائية بصورة تؤدي إلى الفصل بين شكل الانساق و محتوى السلوك الإنساني، و تفصم عرى التفاعل بين النسق البنائي و الموقف التاريخي و الاجتماعي الذي يرتبط به ، بينما لا تفعل البنيوية التوليدية ذلك، إضافة إلى وعيها العميق بالحس التاريخي و بان العناصر التاريخية و الخصائص الفردية تشكل في تفاعلها وجدلها معا ، المنهج الإيجابي لدراسة الأدب و التاريخ .
كما أن البنيوية التوليدية تختلف عن البنيوية الشكلية، في أنها لا ترى أن النسق البنائي يشكل الجزء الجوهري ، أو القطاع الأهم الذي يحكم السلوك الإنساني العام ، و إنما تدعو إلى ضرورة أن يكون النسق كاملا و شاملا و ليس جزئيا.
ويمزج جولدمان في هذه البنيوية التوليدية، التحليل البنيوي بالمادية التاريخية و الجدلية في محاولة لتأسيس علم إجتماع للأدب يستفيد من الإسهام البنيوي دون أن يغفل عن الخلفية الاجتماعية و العناصر التاريخية ، في محاولة للإضافة الخلاقة بين الأدب و الواقع الإجتماعي الذي يصدر عنه ، و يتوجه اليه في الوقت نفسه ، بأوسع ما تعنيه كلمة الواقع تلك من معان ، تشمل المساحة الممتدة بين الواقع و الحلم ، متضمنة في ذلك التاريخ و التراث.