You Create, We Appreciate

الناقد والروائي “سيد الوكيل” يكتبـــ: العنف النقدى فى قراءة نحيب محفوظ

الناقد والروائي “سيد الوكيل” يكتبـــ: العنف النقدى فى قراءة نحيب محفوظ
مقامات في حضرة المحترم - سيد الوكيل
مقامات في حضرة المحترم – سيد الوكيل

كثير من الأحكام العامة والمرتجلة ، تروج فى حياتنا الأدبية ، ثم لاتلبث أن تتحول إلى معلقات لفرط ضخامتها ، ولست أذكر الآن ، عدد الذين نصحونى فى بدايتى ، إن كنت ترغب فى قراءة القصة القصيرة فعليك بإدريس ، وإن كت ترغب فى قراءةالرواية فعليك بمحفوط ، أفكار كهذه قسمت السرد  بين زعيمين ، لابأس ، ولكنها ـ فى الحقيقة ـ نتيجة لجهد نقدى طويل فى رسم الحدود الفاصلة بين القصة والرواية ، فى حين كانت القصص المحفوظية ، تقدم نموذجاً ـ لم يلتفت إلية ـ لثلم هذه الحدود ، بحيث تكون للقصة القصيرة ـ عنده ـ قوة رواية كاملة ، وذلك من خلال القدرة على تكثيف الرؤية لا مجرد التكثيف التقنى واللغوى ، بمعنى أن التكثيف لا يحرم النص من اتساع الرؤية وعمق المعرفة وانفتاح الأفق السردى .

 فالقصة القصيرة ـ عند محفوظ ـ  ليست شكلاً سردياً بقدر ما هى طريقة لرؤية العالم ، هذه الإمكانية هى التى كتب بها روايته القصيرة جداً ( قلب الليل) ، وقال فيها  كل ما أراد قوله فى أولاد حارتنا ، وبهذه الطريقة كتب كثيراً من قصصه ، لكن كثير من  نقاده ، ولأسباب أيديولوجية ربما ، أو رغبة منهم فى توزيع الأدوار، كانوا مغرمين بالنموذج التشيكوفى الذى احتذاه يوسف إدريس فى القص ، ولو كانوا انتبهوا إلى نموذج محفوظ بنفس درجة اهتمامهم بنموذج أدريس ، لكان لدينا أكثر من رافد لكتابة القصة ، ومن ثم لم تكن قد وصلت إلى المأزق الذى وصلت إليه الآن  .

وإذا كانت القصة القصيرة عند محفوظ ، تمثل أكثر من 30% ، أى ما يقرب من ثلث إنتاجه الأدبى، فإن حجم الدراسات التى تابعت قصصه أقل كثيراً من هذه النسبة ، بما يعكس انخفاض الاهتمام النقدى لقصص محفوظ ، ويبدو أن شيئاً من الأحكام العامة والشائعة ، رجحت النموذج القصصى الإدريسى ، واتجهت أكثر الدراسات القصصية إليه، والواضح أن القصة عند إدريس كانت متميزة فى شكلها ، وقادرة على الدفاع عنه بحدود واضحة بينها وبين الرواية ، ومن الممكن أن هذه الحدود لم تكن فارقة إلى هذه الدرجة  عند محفوظ ، وبمعنى آخر ، فإن الفارق بين القصة والرواية ـ عند محفوظ ـ لم يكن شكلانياً ، بقدر ماهو مرتبط بجوهر الرؤية ، أو بدرجة الوعى بالعالم ، لكن النتيجة المترتبة على ذلك ، هى قلة الاهتمام النقدى المناسب للقصص المحفوظية، خضوعاً للرؤية الشائعة حول مفهوم النوع الأدبى وفقاً لتصورات شكلانية .

قليلة هى المحاولات الجادة التى انتبهت إلى الموقف الاستثنائى لمفهوم النوع الأدبى عند محفوظ ، هنا يقول الناقد إبراهيم فتحى : ” النوع الأدبى عند محفوظ شكل متميز من الرؤية ، أى طريقة كلية لتخيل وتصور جوانب معينة من الواقع الإنسانى “.(1)

لقد كان من المريح ، ونظراً لطبيعة الانفلات البنائى فى القصة القصيرة ، أن نعزوها ـ دائماً ـ إلى المعانى الجزئية من تجربة الإبداع الأدبى ، وبهذه الطريقة ، تبدو القصة صورة بدائية من التعبير السردى ، وحيد الخلية ، يقف عند حدود الحوادث العابرة ، والانفعال المؤقت ، والانشغال اللحظى بالمشاهدات اليومية ، والاشتغال الفردى الذى لايرقى إلى مستوى الترابطات الكلية ، إن زعماً كهذا ، يقف عن حدود معايير كمية للنوع القصصى ،  يجعلنا زاهدين فى قراءة قصص محفوظ ، ووصفها براحة رخيصة ، كما لو كانت روايات مجهضة ، أو فى أفضل الأحوال مشاريع لروايات لم تكتب بعد ، ومن ثم يتعين علينا تأجيل قراءتها ، دون الالتفات إلى أن القصة القصيرة المحفوظية ، حملت الجوانب الأكثر كثافة فى تجربتة ، وهى تلك التى نسميها ، البنى المستديمة ، التى تؤسس لمجموعة العلائق والترابطات فى تجربة محفوظ الأدبية ، وهو ما يطرحه إبراهيم فتحى على نحو أكثر تفصيلاً ، مشيراً إلى محفوظ : ” القصة القصيرة عنده كانت تقتنص الجانب الأكثر تركيزاً والأكثر خصوصية من تجربة الوجود الإنسانى ، وكان المعنى الجزئى يندمج فى معنى عام ، ولم تقف عند الطابع العابر للحياة ” 2.

إن الخسارة التى حققناها بتجاهل النموذج القصصى المحفوظى ـ خضوعاً للأحكام الشائعة ـ  فادحة ، غير أن أول نتائجها ، هو أن ثلث إنتاج الرجل لم يقرأ باهتمام كاف ، ومع ذلك فإن الخط القصصى المحفوظى وجد امتداده عند قلة من كتاب الستينيات منهم : بهاء طاهر ، فكثير من قصصه ، امتلأت بهذه الروح التأملية والتحليلية لموقف الإنسان من بعض القضايا التى تخصه وتحدد مصيره مثل قضيتى : العدل والحرية ، فمن الممكن  ملاحظة أن العدل الاجتماعى موضوع جوهرى عند يوسف إدريس فى قصة   ( نظرة ) التى تحولت إلى نموذج مدرسى لكتابة القصة القصيرة ، لكن العدل هنا يقف عند مجرد الشعار ، لافتة تلخص حركة السرد ، غير أن هذا الاستخلاص الدلالى ، شديد الاستعصاء علينا فى محاكمة الكاهن عند بهاء طاهر ، وإن كنا ندرك طوال الوقت أن البحث عن العدل هو أظهر معانى القصة  .

إن قصص محفوظ ، عندما تمس بعض القضايا الكبرى التى نجدها فى رواياته ، فإنها لا تلخصها ، ولا تكون قد انتهت منها سلفاً ـ بشكل حاسم ـ فالقصة ـ نفسها ـ هى طريق البحث ، نمط مختلف من التفكير الجمالى فى القضية  بغية اكتشاف جوانب مغايرة فيها ، يقول محمود أمين العالم : ” فى خمارة القط الأسود أحداثاً ذات قسمات قديمة ، تفريعات وتنوعيات على ألحان سمعناها من قبل فى رواياته وقصصه ، ولكننا نحس كذلك بدبيب الرحلة الجديدة يشتد .. ” 3

 وهكذا فالقصة طريقة للنظر والرؤية المركزة التى قد لاتتيحها الرواية بتعقدها وتشابكها ، إن كثيراً من المعانى والرموزالتى تناولها محفوظ فى رواياته ، تجد امتدادها وتفسيرها فى بعض قصصه .

ومن ناحية أخرى ،  فالتاريخ يحفظ لنا أن محفوظاً بدأ حياته الثقافية بنشر مقالاته فى مجلات : ” المجلة الجديدة ـ المعرفة ـ الجهاد اليومى ـ كوكب الشرق ” ، كان وقتها طالباً فى  قسم الفلسفة ، وكان ميدان الفلسفة ـ الغربية ـ  جديداً وفقيراً من رواده باستثناءات قليلة أغلبها من الأجانب والمستشرقين الذين عايشوا هذه الفترة ، وربما ـ لهذا ـ وجد محفوظ نفسه مدفوعاً إلى كتابة مقالات فى الفلسفة  ، وكأنما يعد نفسه للاشتغال بها بقية حياته ،  لكنه على أى حال لم يستمر طويلاً ، إذ بدأها عام 1930 وأنهاها عام 1936 كتب خلالها (47) مقالاً فى مجالات متنوعة بدأها فى الفلسفة ثم فى علمى الاجتماع والنفس ، ثم كتب مايقرب من عشرين مقالاً فى الأدب والفن والنقد ، لكن تصورنا عن  المقال ، إنه منبر الأفكارالرائجة ، وليس طريقة أخرى للتعبير الذاتى ، إن مقالات محفوظ كانت وسيلتنا للتفتيش فى رأسه ، والإمساك بأفكاره ، هنا يقول محفوظ ، رداً على سؤال من أنيس منصور : ” قضى ربك أن أكون من أصحاب القلوب لا العقول “4 . محفوظ يتكلم عن نوع من التفكير الجمالى ، الحدس ، التخييل ، الوعى المراوغ ، حيث لاشئ واضح ومحدد ، لكن رغبتنا قاتلة فى الوقوف على أفكار واضحة ومحددة فى رأس الرجل ، وهكذا ، تصور البعض ، أن المقالات ـ الأولى ـ  مثلت رحلته الأولى فى اكتشاف ذاته ، والوقوف المبكر على بعض الأفكار الكبرى التى جسدها فى رواياته بعد ذلك ، ولقد سجل لنا على شلش (5) مالاحظه عبد المحسن طه بدر بعد أن قام بدراسة لمقالات محفوظ  تحت عنوان : ” احتضار معتقدات وتولد معتقدات “، وخلص منها إلى أربعة  أفكار مركزية قال إنها لم تغب عن كتاباته ( محفوظ) بعد ذلك ، وهى  :

1ـ حياة البشر محكوم عليها بالتطوروالتغير ، والتطور شر لابد منه .

2ـ الإنسان بطبيعته مؤمن .

3ـ التوسط بالإشتراكية بين الرأسمالية والشيوعية .

4ـ مستقبل الإنسان مظلم .

 من المخيف ـ حقاً ـ أن يتم تجريف تجربة  مبدع فى حجم نجيب محفوظ إلى أربعة  أفكار أى كانت قيمتها ، لكن هذا شأن النقد المؤدلج ، ومن المفزع ـ فعلاً ـ أن يقرر الناقد ـ سلفاً ـ  بأن هذه الأفكار الأربعة ستحكم تجربة محفوظ بعد ذلك ؛؛ من أين يأتى نقادنا بكل هذا اليقين الإلهى ؟ ثم لماذا الإصرار على إقحام الإشتراكية هنا ؟ أنظر إلى التعبير الدارج : ” التطور شر لابد منه ” ، إنه تعليق ( بدر ) على ما ظنه فكرة رئيسة عند محفوظ ، وهى تهجس بنازع الصراع الاجتماعى  وكأنما يمهد بها لما بعد  ” التوسط بالاشتراكية ….” ، وهكذا .. الاشتراكية هى الوصفة السحرية التى يقترحها (بدر ) على ( محفوظ ) ، ليتجنب الصراع / الشر الذى لابد منه فى عمليات التطور .

بالتأكيد فأصداء الاشتراكية بازغة عند محفوظ ، لكن النص الأدبى غير وفى ولاحتى لصاحبه ،إنه انحراف ،  بعكس القراءة المؤدلجة ، إنها تعمل على إدخال النص فى النظام ، وإنها لوفية له حتى يمكنها نفى وإقصاء كل ما يعوقها أو يؤثر على مسيرتها الملهمة  ” إن النص محتاج إلى ظله ، هذ الظل هو قليل من الأيديولوجيا ، وقليل من العرض ، وقليل من الذات .. ” (6) لكن القراءة المؤدلجة مهيمن عليها ، حتى لايمكنها أن تتنفس بحرية ، ومن ثم لاتضئ بتناقضاتها الداخلية ، وُتحرم من الجدل ، وسنرى أن ليس (صاحب الروائى والأرض )  وحده، فى قائمة نقاد محفوظ كثيرون ، أبدعوا رموزهم لكى يعيشوا ،هذه مجرد قرينة وحيدة على عمليات التجميد النقدى لنجيب محفوظ ، التى نتجت عن إحاطة تجربته الثرية  بمجموعة أحكام عامة ظلت تعمل فى وعينا طوال الوقت  .

لكن خطايا النقاد مع محفوظ ، لاتقف عند هذا الحد ، فلدينا كارثة أخرى صدقناها بدون مراجعة ، وهى فكرة تقسيم إنتاج محفوظ إلى مراحل ليسهل إدراجه ضمن قوائم التصنيف النقدى .

إذا كان النقاد قد قسموا إنتاج محفوظ إلى مراحل فهذا شأنهم ، لأن الرجل لا يلتزم هذه المراحل على نحو زمنى فاصل ، فهو يعود إلى التاريخ بعد ذلك ، ليس فقط التاريخ الفرعونى الذى بدأه ( 1938 ) ، ثم  عاد إليه برواية فذة جسدت عمق فهمه لتاريخانية العلاقة بين الإنسان والسلطة فى شقيها الدينى والسياسى ، وهى رواية      ( العائش فى الحقيقة ـ 1985  ) ، ولكن أيضاً التاريخ العربى والإسلامى فى روايته (رحلة ابن فطومة ـ ط2 1987)   ومن ثم فهاتين الرواتين كانتا دمجاً بين المرحلتين ( التاريخية والميتافيزيقية ) .

نحن وضعنا الثلاثية ضمن المرحلة الاجتماعية ، وميزناهابضميرمرتاح                ( رواية الأجيال ) ، وتوقفنا كثيرا عند أنماط التصارع الاجتماعى فى سبيل التطور الذى لابد منه ، كيف نصف داهية مثل : حديث الصباح والمساء ؟ هنا تضطرب القراءة الأيديولوجية كثيراً ، ويختل داعى الصراع الطبقى ونحن نرى هذا التداخل بين طبقات المجتمع الواحد ، فعمليات الهدم والبناء تتم على نحو هين كما يتنفس   النبات .

إن كثيراً من أعمال محفوظ لم تخضع بسلاسة للقوائم المرحلية والمرجعيات الأيدولوجية خضوعاً كاملاً،  كما أن كثيراً من أعماله تجاوزت الحدود النوعية الحاسمة ، ربما لأن مفهوم النوع عنده لم يكن شكلاً ، بقدر ماهو إمكانية مختلفة للنظر ، وفى هذا السياق ، فإن كثيراً من حوارياته ومسرحياته وسيناريوهاته ، سقطت سهوا ـ ولحسن الحظ ـ من حسابات نقاد محفوظ  ، وسبب حسن الحظ ، أنه يمكن قراءتها الآن بدون تأثيرات مسبقة ، ولحسن الحظ ـ ايضاً ـ أن عددها أكبر مما نتخيل ، ويعنى هذا ـ فى النهاية ـ أننا لم ننته من قراءة محفوظ بعد .

وعلى غير العادة فى كل الأفلام التى جسدت روايات نجيب محفوظ حاول فيلم  ( قلب الليل ) الالتزام بالنص الأصلى للرواية ولكنه رغم ذلك لم يستطع ، ليس لقصور فى السيناريو، وليس لأن المخرج أراد تخفيف الجرعة الفكرية فى الفيلم ،  ولكن لأنهما  وقعا فى الخدعة الشائعة ، فرواية قلب الليل هى أقصر روايات نجيب محفوظ ، بل هى قصة طويلة إلى حد ما ، ولكنها مشحونة بطاقة روائية كبيرة وهائلة ، وقد تكون أكبر وأكثر دقة من (أولاد حارتنا )  بحيث لايمكن أن يحتويها فيلم سينمائى محكوم بحدود زمنية وتقنية .

هنا ينبغى الإشارة إلى إحدى خطايانا فى قراءة نجيب محفوظ ، السينما التى خلقت واقعاً قرائياً لمحفوظ ، ولكنه واقع افتراضى ، أنتجه الوسيط البصرى ـ الذى يختلف   تماماً ـ عن قراءة الرواية ، وليت الأمر يقف عند حدود القراءة المنقوصة ، ولكنه نوع من الإشباع ، والاستغناء  بالواقع الافتراضى ، حتى يسرى بيننا وهم ، أنه لم يعد لدى نجيب شيئ ينبغى أن نقرأه الآن .

  قلب الليل  ـ تبدو لى ـ  ضالعة فى مرحلته الميتافيزيقية ( تجاوبا مع التقسيم المرحلى ) ، مع العلم بأن هذه المرحلة وإن بدت واضحة فى أولاد حارتنا ، إلا إنها توزعت على أعمال أخرى عديدة ، حتى يمكننا رؤية ملامحها تتناثر بين جل أعماله ليس فقط الحرافيش والطريق والشحاذ واللص والكلاب ولكنها موجودة أيضاً  ـ بين السطور ـ فى أعماله الاجتماعية الشهيرة مثل الثلاثية والقاهرة الجديدة وزقاق المدق ، وببعض الإنصات ، سنجد ـ مثلاً ـ  أن حياة كمال عبد الجواد صورة مفصلة من حياة جعفر الراوى بطل قلب الليل .

كان كمال عبد الجواد نموذجاً  لجيل كامل من الأفندية الحداثيين الذين آمنوا بقدرات العقل العلمى على بلوغ المثال والكمال  ـ لاحظ الاسم ـ الإنسانى ، ومن ثم السيطرة على مصيره ، لكن عقله لم يهده إلى يقين ، ومثاليته لم تعصمه من السقوط بين أحضان فتاة ليل لايعرف عنها شيئاً .

وما أشبه مشهد سقوط كمال عبد الجواد بمشهد آخر فى رواية قلب الليل ، لاحظوا الفارق الزمنى بين الروايتين ( السكرية 1957 و قلب الليل 1975 ) .

   إن مشهد قتل جعفر الراوى ( بطل قلب الليل ) للمنظر الماركسى (سعد كبير) ، يفصح بقوة عن تهافت العقل البشرى وعجزه ، وينهى رحلة ( جعفر ) فى البحث عن الحرية الكاملة ، يقول جعفر الراوى : ” وقفت أتأمل جثته الملقاة بين المكتب والكنبة الجلدية فى هول  بارد  سرمدى ، وأنا أشعر بأننى تخففت دفعة واحدة من كافة أعباء الحياة وانفعالاتها . ثم غصت فجأة فى أعماق دنيا الحلم ، فرأيت فى كوة من جدارها شبح المأساة وهو يجرى بعيداً عنى فى كون آخر مضاد لاتربطنى به صلة بشرية ، سمعت صوتاً لعله صوتى ، أو صوت آخر يهتف مذبوحا .. ياعقلى المقدس ، لماذا تخليت عنى ” 7.

إن البنى المستديمة بين أعمال محفوظ ، وكذا العلائق المصيرية التى حملتها شخصياته ، كل منهما ، يتشابك ويتعقد وينمو بشكل مثير داخل تجربته الإبداعية كلها  ( قصاً ورواية ) ، لكن القراءات الجزئية لاتوقفنا على التفاصيل الخلافية بين هذه البنى المستديمة ، إن حجم الثراء الإبداعى يكمن فى هذه التفاصيل الخلافية ، لا فى البنى المستديمة نفسها ، هذه التفاصيل الخلافية يمكن أن توقفنا على عمليات التطوير والنمو فى البنى الفكرية المستديمة عنده ، بحيث تبدو تجربته الأدبية نوعاً من البحث الجمالى ، وطبيعة البحث الجمالى أنه لاغائى ، تيار من اللذة ، متردد بين نوبات من الامتلاء والتفريغ ، البناء والهدم ( كما ينمو النبات) ، تجربة محفوظ يجب أن تقرأ فى هذا السياق ، وكل محاولة لاستخلاص أفكار حاسمة هى محاولة لوقف نمو النص ،ووقف تدفق تيار اللذة ، كل ما نحتاجه هو قليل من التواضع النقدى ، فمن الممكن القول إن قلب الليل  تصور حيرة الإنسان فى رحلته على الأرض  وتقلبه بين الأفكار والعقائد بحثاً عن اليقين المطلق ـ هذه إحدى البنى المستديمة ـ والإيمان الجامع المانع لجميع البشر ، ولكنه يدرك فى النهاية أنه يبحث عن المستحيل ، لأن جزءا من طبيعته البشرية يتمثل فى عجزه عن إدراك الحقيقة بعقله وباختياره هو ، إن أفضل ما ينتهى إليه العقل البشرى هو نوع من التلفيق والتوفيق بين أفكار لعقول بشرية أخرى كالماركسية والوجودية وغيرها .

فكمال عبد الجواد ، وجعفر الراوى ، يجسدان أزمة الحداثة ، أزمة العقل البشرى فى إدراك سبيل لوجوده ومعنى حاسم لايعول على الميتافيزيقيا  ، غير أن التفاصيل الخلافيه تكمن فى الهاجس القدرى/ الجبرى ، والنازع التمردى عند جعفر الراوى الذى وضعه غروره العقلى فى مواجهة كونية يعلم منذ البداية أنها خاسرة ومع ذلك فقد قبل التحدى،هنا يتحدد معنى هام من معانى محفوظ وهو المغامرة ،  فى مقابل أن كمال عبد الجواد كان أفنديا اختار طريقه بإرادة كاملة وكان يحدوه الأمل فى مجرد التفرد على نحو نسبى بين مجتمعه، ومع ذلك ففى لحظة ما يتساوى الجبر والاختيار المغامرة والحذر وكأن الحذر لايمنع القدر، هكذا نحتاج إلى فض الاشتباك بين مفهومين :  صيرورة الحياة اليومية  والقدر فى أعمال محفوظ ، أو بمعنى آخر بين العادى والمعاش من ناحية والقضايا الكبرى من ناحية أخرى، هذا  إذا أردنا الحصول على معنى حاسم ، لكن النص ـ نفسه ـ يتحرك عكس ذلك تماماً .  

 ولعل الباحثين عن الروحية والإسلامية ـ تقديراً لمحمد حسن عبد الله ـ  فى أدب نجيب محفوظ يجدون فى هذه الراواية ( قلب الليل ) منجماً لاينضب ، ومعان تورق معان لاتنتهى ، تتسم بصفات إنسانية عامة تجعل أدبه استثناء فى تاريخ الأدب العالمى لا العربى فقط ، وهو يتضمن نقدا فنياً وثقافياً للحداثة التى حاولت أن تقدس العلم والعقل البشرى وجعلته مركزاً لحركة الكون ، إن العقل فشل فى حل المعضلات البشرية التاريخية مثل الجبر والاختيار، ولم ينجح أبداً فى أن يكون بديلاً للدين  ، إذ مازال الدين ومثله الفن (8)، بموقعهما اللصيق فى مواطن الوجدان ، قادران على تشكيل حركة التاريخ البشرى ، وبمعنى آخر إن حركات التطور البشرى ليست فى صراعات حتمية بحيث تنفى بعضها البعض أو تقضى مرحلة على أخرى ، أى أن التداخل والتجاور والتعدد سمات ممكنة فى حركات التطور البشرى ، لكن القراءات المؤدلجة اتجهت  إلى حتمية الصراع ، ثم هى من ناحية أخرى  تمثل خضوعاً لنزوعات التنوير الحداثى التى أعلت من شأن العقل ، ودشنت لحاكمية  العلم .

فى ظنى ، أن العنف النقدى بدأ مبكراً مع نجيب محفوظ ، فهذا ( سيد قطب ) ، فى معرض تناوله لـرواية زقاق المدق ( 1947 ) يقول : ” إنها قصة المجتمع المصرى الحديث ، وما يضطرب فى كيانه من عوامل ، وما يصطدم فى أعماقه من اتجاهات، قصة الصراع بين الروح والمادة ، بين العقائد الدينية والخلقية والاجتماعية والعلمية ، بين الفضيلة والرذيلة ، بين الغنى والفقر ، بين الحب والمال فى مضمار         الحياة (9)

إن النظر إلى الحياة بوصفها مجموعة من المتقابلات الذهنية التى لاتقبل المصالحة ، لا يمكّننا ـ تماماً ـ من فهم نجيب محفوظ ، بقدر ما يمكننا من فهم سيد قطب ـ نفسه ـ الذى قسم العالم  ـ بعد ذلك بقليل ـ إلى مسلمين وكافرين ، وهكذا لم يلتفت ( قطب ) إلى التفاصيل الخلافية بين البنى المرجعة فى زقاق المدق وبينها فى روايات أخرى بفضل القراءة الجزئية .

إن سيد قطب ، لم يفهم الفرق بين موقف المبدع  وموقف الداعية ،  فعلاقة الأديب بالمجتمع شائكة ومعقدة ، إنه ليس نبياً ، ولا زعيما سياسياً ، ومع ذلك فعليه أن يتفاعل ويحرك ويطور وعى المجتمع من غير أن يتصادم معه ، لأن التنمية التى يحرزها الأدب جمالية بالدرجة الأولى ، فالأديب لايقدم لنا أفكاراً مستنيرة، أو مقولات مؤثرة ، بقدر ما يسعى ليقدم لنا ذاته عبر وسائط جمالية وتقنية ، هذه الذات تتسرب عبر تشكلات النص وحركته ، كما أن النص هو درجة الآنحراف الحادث بين فكرة ما وطريقة التعبير عنها ، بحيث أن ألنص الأدبى ، قد يواجه صاحبه مواجهة خلق مستقل عنه ، ومن ثم فالإمساك بالمنطلقات الفكرية المؤسسة لدى كاتب لايعكس سوى نوع من الغرور النقدى ، كل ما هناك ، مجموعة من البنى المستديمة أو المرجعة ، تعمل فى أنساق ترابطية ، سواء كانت متماثلة أو خلافية .

هذا التصور المراوغ للنص قد لا يرضينا لأنه يستعصى على الإدراك العقلى ، وكأن الدقة الشعورية التى يمتلكها المبدع لا تكفى ـ بديلاً ـ عن الدقة العلمية للنقد، فمثلا ، يذكر لنا نجيب محفوظ نفسه ـ والعهدة على صاحب الروحية والإسلامية  ” 10″ ـ إنه كان يتجه برواية أولاد حارتنا إلى رجال الثورة الذين يحكمون مصر ، يدعوهم إلى توزيع الثروة ( الوقف ) بالعدل .

 المنطلق ـ هكذا ـ كان سياسياً ، لكن النص تحرك فى اتجاه الفلسفة الدينية . لاحظوا ، فى هذا الوقت ، كان الخوض فى الدين آمن عن الخوض فى السياسة . هكذا ، يبالغ نجيب محفوظ فى إخفاء المعنى السياسيى ، داخل المعنى الدينى ، إن مزيداً من الحذر قد يؤدى إلى اختلال دقة الشعور .

أولاد حارتنا خطيئة نجيب محفوظ الأدبية ، حيث كان الطموح الموضوعى والدلالى أكثر تعقيداً من أن يحتمله الوسيط التقنى البسيط الذى قامت عليه الرا واية الضخمة ، أراد محفوظ أن يجعلها معادلاً فنياً ورمزياً لرحلة الإنسان بحثاً عن العدل ، بدءاً من آدم ، مرو بالأنبياء والراسلات العظمى ، انتهاء بالعلم ، إن الالتزام الصارم بالموضوع التاريخي لايمكن تجاهله فى رواية أولاد حارتنا ، هذا الالتزام قلل من فاعلية شبكة الرموز فى الرواية ، بل وحصرها فى معان محدودة ، لكن هذه الشبكة ، تعمل بفاعلية مثيرة فى رواية قلب الليل التى لاتتجاوز فصلاَ بالقياس إلى أولاد حارتنا .

      ولغة نجيب محفوظ محتشدة بفخاخ الرمز ، شريطة أن يقرأ الرمز فى سياق العمل الأدبى أولا ، ثم فى سياق مشروع محفوظ كله ثانياً ، فنحن لا نفهم قول جعفر الراوى : ” ثم غصت فجأة فى أعماق دنيا الحلم ” ( 11) إلا عندما نفهم أن دنيا الحلم أحد رموز الرواية ، إنها إحدى البنى المرجعة ، ويعنى بها التجربة الإنسانية الأولى فى الطريق إلى العقيدة بالحدس والفطرة، طفولة الفكر الإنسانى ، حيث الأسطورة والحلم والفن ، حيث يتولد المعنى من اللعب ، إنها تجربة والديه التى عاشاها فى كنف الجد ( الراوى الكبير ) وقصره المنيف الذى يشبه الجنة ، قبيل طردهما منه ، يقول جعفر الراوى : ” لى مع الجنة تاريخ طويل ، كانت أمى تحدثنى عنها حديث الخبير ” (12) والقارئ قد لايصل إلى هذا المعنى إلا بعد الإمساك بمعجمه الرمزى الذى ينثره فى جل أعماله ، انظرقصته القصيرة ( جنة الأطفال ) ، حيث تحاصر الطفلة والدها بالأسئلة الميتافيزيقية ، الطفلة تنطق عن بداهة مطلقة ، والأب بعقلة الكبير يعجز عن الإجابة ، فالبداهة ليست مجردة من الوعى . 

 الحلم هو الحقيقة التى تبقى فى الوجدان أكثر من أى شئ آخر ، فى قصة               ( كلمة غير مفهومة ) نرى المعلم حندس وقد امتلك الفتونة وتمكن من السيطرة على الواقع / الحارة ، ولكنه رغم ذلك لم يتمكن من السيطرة على أحلامه ، يذهب إلى الخلاء وهومستعد للقاء غريمه ـ كما رأى فى الحلم ـ ولكنه يتلقى ضربة على رأسة ، إن الأحلام ـ هكذا ـ حقائق مؤجلة ، واقع لم ينضج بعد ، وهكذا ينسحب معنى الحلم من الماضى إلى الحاضر ، من الخلاء إلى الحارة .

فى ( خمارة القط الأسود ) ، يتمكن العربجى من الاختباء فى الخمارة حتى أغلقت أبوابها ،كان ينوى سرقة النقود ، ولكنه بدلاً من لك شرب كثيراً حتى الثمالة ، وعندما اكتشفت الحكومة فعلته هدد بحرق الخمارة ، لم يكن أحد مستعداً لحرق الخمارة ، بيت الأحلام الصغيرة .

 الطفولة ، الأسطورة ، الخمارة ، الخلاء ، العوامة ، التكية ، الحارة ، عالم معقد من الرموز ، لكنها ليست جامدة بحيث تصبح مداخل مباشرة لقراءة نجيب محفوظ ، وهى حين تنتقل من الفضاء القصصى إلى الفضاء الروائى ، سوف تكون مشحونة بالمعانى التى لملمتها أثناء الرحلة .

  أن تحيل الواقع إلى رمز ، فهذا أمر شائع ومتاح فى الأدب ، لكن أن يأخذ الرمز قوة الواقع ، فهذا يحتاج إلى عبقرية استثنائية ، وبهذه العبقرية ينجح نجيب محفوظ فى تحويل  بعض شخصياته الراوائية إلى واقع ، حتى أنها تعيش فى الوجدان الشعبى العربى ، وتصبح جزء من ثقافته ورموزه ، مثلما حدث مع سى السيد وست أمينة ، لم يحدث هذا من قبل إلا عندما ابتكر شيكسبير شخصيتى رروميو وجولييت .

، والسؤال الآن حول حجم التفسيرات المغالية فى اصطياد التماثلات ، والتقابلات الحرفية المتعسفة للرموز، حيث أسهمت القراءة المؤدلجة فى تحويل الخطيئة الأدبية إلى خطيئة دينية .

يقول غالى شكرى : ” .. فلقد أحس نجيب محفوظ منذ الوهلة الأولى أن الدين يشكل ركيزة أساسية فى بناء القيم الذى نعيش بين جدرانه فى الشرق ، وعن طريق الدين أراد أن يدخل عالمنا الروحى حتى يستطيع ـ وهو داخل البناء ـ أن يستبدل هذه الركيزة الكبرى فى حياتنا بركيزة أخرى عرفت طريقها إلى العالم المتحضر من زمن بعيد ، وكانت الركيزة التى حاول نجيب أن يحلها مكان الركيزة القديمة هى العلم ” (13).

إن غالى شكرى يصور ( نجيب ) متآمراً خطيراً على الدين ، إنه يدخل البناء الروحى ليخدعنا حتى يتمكن من تقويضه ، ويخرج الشرق ـ كله ـ من بين جدرانه ، ثم أنه يضع العلم فى مواجهة حتمية مع الدين ، من قال هذا ، محفوظ أم شكرى ؟ فشكرى هو الذى قال بعد ذلك : ” إن الحل الناجز متمثل فى العلم والإشتراكية ” (14)، ثم اتساءل  ـ مرة أخرى  ـ  لماذا الإصرار على إقحام الإشتراكية هنا ؟ ، يجب ألا نندهش ، حينما تتطابق درجات الوعى المؤدلج بين غالى شكرى وعبد المحسن طه بدر ، لقد كانت رغبة الاشتراكيين ملحة فى استجلاء موقف محفوظ   منها .

إن القراءة الاشتراكية ، التى وضعت الدين فى مواجهة خاسرة مع العلم ، تجاهلت القراءة التاريخية لمعضلة العقل البشرى فى تحولاتة المعرفية من الأسطورة ، مروراً بالدين ، وحتى العلم نفسه ، الذى لم ينجح فى حل المعضلة ، بل ولم يتوقف محفوظ عنده بوصفه الحل الناجز  كما يظن غالى شكرى ، بل يوجه إليه اتهاماً مباشراً على لسان( حنش) ، أحد أصدقاء عرفة ـ رمز العلم ـ الذى اخترع السلاح الرهيب ، يقول حنش : ” عدنا إلى هذه الحارة يوم عدنا بآمال بسيطة ومحدودة ، أنت وحدك المسؤل عن التغير الذى وقع بعد ذلك ، عن تعلقنا بالآمال الكبيرة ، وكنت أعارض طموحك بادئ الأمر ، ولكنى عاونتك دون تردد ، وأخذت اقتنع بأرائك رويداً رويداً ، حتى لم يعد لى من أمل إلا أمل حارتنا فى الخلاص والكمال ، اليوم تفاجئنا بخطة جديدة ستصبح بها آلة رهيبة لاستذلال حارتنا ” .(15)

لسبب ما يتجاهل غالى شكرى هذا النازع النقدى للعلم ـ ميتافيزيقيا الحداثة العربية ـ  فى رواية أولاد حارتنا ، وسنرى بعد لك ، نقداً صريحاً للاشتراكية ( أنظر ميرامار ) ومع ذلك  يؤكد ” إن الحل الناجز متمثل فى العلم والاشتراكية ” وكأنما يلخص مسيرة ( اولاد حاتنا ) المعقدة ، يشفيها من لحمها المختلج وأعصابها وعروقها النابضة ، نوع من العنف النقدى الذى ترعاه التنظيرات السلطوية والمؤدلجة ، لكن أدب محفوظ ، معجز مثل حياته ، إنه ذلك الكهل الذى انتصر على الإرهاب الفكرى ورفض الموت طعناً فى رقبته ، ثم نهض وكتب لنا خلاصة روحه فى أصداء سيرته وأحلامه .. محفوظ مبدع استثنائى .. حياته وكتابته مصرية خالصة وإنسانية مخلصة ، وهذه الصفة الأخيرة هى التى أكسبته قيمته العالمية ، ولكنها فى نفس الوقت مناط الاختلاف حوله ، وسبباً لسؤ فهم البعض له  ، لقد كان محفوظ فى حياته ضحية لسوء الفهم ، ليس فقط من رافضيه ، بل من محبيه أيضاً ، هاهو آخر العظماء دخل فى قلب الليل الأخير ومات ، لعل الذين أشهروا خناجرهم له ، بمناسبة وبغير مناسبة ، وطعنوه عن جهل وافتراء .. لعلهم استراحوا .

مصادر ومراجع

1ـ إبراهيم فتحى : نجيب محفوظ بين القصة القصيرة والرواية الملحمية ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ( مكتبة الأسرة ) ـ القاهرة ـ 2002 .

2ـ السابق .

3ـ محمود أمين العالم : تأملات فى خمارة القط الأسود وتحت المظلة ـ مجلة الهلال ( عدد خاص) ـ القاهرة ـ اول فبراير 1970 .

4ـ السابق ، ص 36.

5ـ على شلش : نجيب محفوظ ، الطريق والصدى ـ الهيئة العامة لقصور الثقافة (كتاب الثقافة الجديدو ) ـ القاهرة ـ 1993 .

6ـ رولان بارت : لذة النص ( ت:منذر عياشى ) ـ مركز الإنماء الحضارى ـ حلب ـ 1992 .ص64

7ـ نجيب محفوظ : قلب الليل ـ مكتبة مصر ـ القاهرة ـ 1975 .

8ـ فى رواية قلب الليل يجد محمد شكرون فى الفن سبيلاً لتحقيق ذاته من غير أن يدخل فى مواجهة عنيفة مع الجد ( الراوى ) ،ويبدو أن موضوع الفن عند محفوظ من الموضوعات التى لم تلق عناية كافية من نقاده ، وهو متوزع فى كثير من أعماله ، غير أنه يحضر عادة كمقترح جمالى لخلق مساحة من التوازن القيمى بين البشر ، وفى رواية خان الخليلى ، نجد صوت أم كلثوم ٌيدخل رشدى فى حالة من السلام الروحى فيتوقف عن مداعبة الفتاة التى كانت تجلس بجواره فى السينما وكأنما سمع قرآنا.

9ـ نجيب محفوظ ، الطريق والصدى ، سابق .

10ـ محمد حسن عبد الله : الإسلامية والروحية فى أدب نجيب محفوظ ـ دار مصر للطباعة ـ القاهرة ـ

11ـ قلب الليل ، سابق.

12 ـ السابق .

13ـ غالى شكرى : المنتمى ، دراسة فى أدب نجيب محفوظ ـ مكتبة الزنارى ـ القاهرة ـ

14ـ السابق .

15ـ نجيب محفوظ ـ أولاد حارتنا ـ دار الآداب ـ بيروت ـ   1986 .

_________________________________________________________________
*الكتاب جزء من كتاب “مقامات في حضرة المحترم” للروائي والناقد سيد الوكيل الصادر عن

Kinzy Publishing Agency
Related Posts
Leave a Reply

Your email address will not be published.Required fields are marked *

Instagram
Telegram
WhatsApp