مبتدأ:
في البدء كانت الحكايات والأساطير، وسيلة الإنسان لتفسير الوجود حوله، وفهم طبيعته الإنسانية، وإمكاناته، ومن ثم وعيه بذاته. هكذا كان الحكي طريقة القدماء للتفكير، لكن فلاسفة الإغريق، أعطونا مفهوما جماليًا للحكاية، فأصبحت فنًا مقصوداً لذاته، لما تحدثه في النفس من لذة جمالية، كما أن الفلسفة أدركت طبيعة العلاقة بين الزمن والحكاية.. الزمن من حيث هو فضاء لوجود الإنسان، وأفق لغيابه.
صحيح أن تعريفات الزمن ومفاهيمه وقياساته، أصبحت أكثر انطلاقًا مع الثورة العلمية التي بدأها كوبرنيكوس، وبرونو، وجاليليو. لكن المعنى الفلسفي للزمن، ظل تعبيرًا عن الوجود الإنساني، فحياة الإنسان سردية تتشكل في الزمن عبر أبعاده الثلاثة، على نحو ما يلاحظ (بول ريكوار). لهذا تأخذ الحكاية في تشكيلها بعدًا جديدًا، ينهض على دور العقل، ويشير إلى طبيعة الوجود الإنساني ومعناه “حيث يعتبر الزمن (الحكائي) في بعده الأول مخططًا لإدراك التصورات في الجهاز العقلي المجرد، فلا وجود للزمان في الخارج، بل هو مفهوم متعالق في العقل الإنساني نفسه، بينما يشكل الزمان عند البعد الثاني أفقًا لإدراك الوجود في العالم لا باعتباره ظاهرة طبيعية تحددها حركة الأفلاك، بل باعتباره منزعًا إنسانيًا لاستشراف المستقبل الذي يتربص به العدم” (1)